حقيقة الانتظار وآثاره البناءة :
لقد كان الحديث يدور حول حقيقة الإيمان بظهور المهدي عليهالسلام ببرنامجه العالمي الذي يملأ بموجبه العالم عدلاً وقسطاً ويقطع جذور الظلم والاضطهاد ، فهل لتلك الحقيقة آثار تربوية بناءة أم آثار سلبية؟
وهل أنّ الإيمان بمثل هذا الظهور يحمل الإنسان على الاستعراض في افكار تخيلية بحيث يغفل عن واقعه المعاش ويجعله مستسلماً أمام كل الظروف؟
أم أنّ ذلك في حالة صحة هذه العقيدة يعد نوعاً من الدعوة للثورة وبناء الفرد والمجتمع؟ هل يبعث على التحرك أم الركود؟
هل يخلق روح تحمّل المسؤولية أم يكون داعياً إلى الهروب من اعباء المسؤوليات؟! وأخيراً : هل هو عامل مخدّر أم منبّه؟
ولكن قبل توضيح ومتابعة هذه الاسئلة ، يعدُ الالتفات إلى هذه النقطة أمراً ضرورياً جدّاً ، وهي : أنّ أفضل القوانين وارقى المفاهيم إذا وقعت في ايدي الأفراد غير الكفوئين أو غير اللائقين أو الانتهازيين يمكن أن تتعرض إلى المسخ الشديد ، بحيث تعطي نتائج مغايرة للهدف الأصلي تماماً ، وتتحرك بالاتّجاه المضاد منها ، ولهذه القضية نماذج كثيرة ، ومسألة «الانتظار» وبالنحو الذي سنراه في عداد هذه المسائل.
وعلى أيّة حال فإنّ التخلّص من كافة أنواع الخطأ في الحساب في مثل هذه الأبحاث ، لابدّ ـ كما يقال ـ من أخذ الماء من مصدره ، لكي لا يُؤثر فيه التلويث المحتمل للأنهار والقنوات التي يمرُ فيها الماء خلال مسيره.
أي إنّنا سنتوجه في بحث مسألة «الانتظار» مباشرةً نحو المصادر الإسلامية الأصلية ، ونُخضع مضامين الأحاديث المختلفة التي تؤكد على مسألة «الانتظار» للبحث والتحقيق ، كي نصل إلى الهدف الأساسي.
والآن تأمّلوا في هذه الطائفة من الروايات بدقّة :
١ ـ سأل سائل من الإمام الصادق عليهالسلام : ماذا تقول فيمن مات وهو على ولاية الأئمّة