ولو تأملنا جيداً نرى أنّ كلاً منها يعدُ بنّاءً وعامل تحرّكٍ ووعيٍ ويقظة.
ومع أخذ المفهوم الأساس «للانتظار» بنظر الاعتبار يمكن أن نُدرك جيدا معنى الروايات المتعددة التي نقلناها آنفاً بشأن البشارة ، ونتيجة عمل المنتظرين. والآن نفهم لماذا عُدَّ المنتظرون الحقيقيون أحياناً كالذين مع المهدي عليهالسلام في فسطاطه ، أو تحت لوائِهِ ، أو كالضارب بسيفه في سبيل الله ، أو المتشحط بدمه ، أو المستشهد؟
أليست هذه الحالات إشارة إلى المراحل المختلفة ، ودرجات الجهاد في سبيل الحق والعدالة ، والتي تتناسب مع مقدار الاستعداد ودرجة انتظار الأفراد؟
أَي ، كما أنّ ميزان تضحية المجاهدين في سبيل الله ودورهم متفاوت فيما بينهم ، فإنّ الانتظار وبناء الذات والاستعداد له درجات متفاوتة أيضاً ، بحيث إنّ كلاً منها يتشابه مع ما يقابلها من حيث «المقدمات» و «النتيجة» ، فكلاهما يمثلان الجهاد ، وكلاهما يريدان الاستعداد وبناء الذات ، فمن كان في فسطاط قائد مثل تلك الحكومة أي في مركز القيادة العامة لحكومة عالمية لا يسعه أن يكون فرداً غافلاً وغير مبال ، لأنَّ ذلك المكان ليس لكائن مَنْ كان ، إنّه مكان أولئك الذين يليقون حقاً بتلك المنزلة والأهميّة.
وكذلك فإنّ الذي يحمل السلاح بيده ويقاتل بين يدي قائد هذه الثورة ضد المخالفين لحكومته ، حكومة الصلح والسلام والعدالة ، لابدّ وأن يمتلك استعداداً روحياً وفكرياً وقتالياً عالياً.
ولغرض المزيد من الاطلاع على الآثار الواقعية لانتظار ظهور المهدي عليهالسلام نرجو الالتفات إلى التوضيح التالي :
الانتظار يعني الاستعداد التام :
لو كنت ظالماً ومضطهداً كيف يمكن أن أنتظر فرداً تكون دماء الظلمة طعمة لسيفه؟
لو كنت ملوثاً نجساً كيف بوسعي أن أكون في انتظار ثورةٍ ستأتي شرارتها على حضائر النجسين والملوثين؟