واجبات مالك الاشتر رضى الله عنه باعتباره حاكم بلاد مصر ، إذ يأمره عليهالسلام ويقول : «اختر وزراءك من الأفراد ذوي السيرة الحسنة والأذكياء».
ومن ثم ينتقل إلى ذكر الامور والجوانب الإدارية والتنفيذية المختلفة للدولة ، فيشير في البداية إلى مسألة القوّة الدفاعية والجيش الإسلامي المقتدر ، ومن ثم يشير إلى الموظفين والعمال الحكوميين ، وبعد ذلك يشير إلى القضاة ، ثم ينتقل إلى التجّار والامور التجارية والصناعية والاقتصادية ، وأخيراً يتناول المسائل المتعلقة بالمحتاجين ، والمعوزين في المجتمع ، ويتطرق إلى شرح وواجبات ومسؤولية كل منهم في هذا المجال من خلال شرح مستفيض ودقيق ، ويذكر في ذلك أدق الامور وأظرفها.
إنّ هذا العهد الذي يعدّ في الواقع مستخلصاً من آيات القرآن الكريم والروايات النبوية الشريفة ، تمّ تنظيمه بالشكل الذي لم تتمكن فيه القرون الأربعة عشر أن تغطيه بغبارها وتجعل منه عهداً تقادمت عليه السنون فعادَ قديماً فحسب ، بل إنّ عظمته واشعاعه أصبح أكثر بهاءً بمرور الزمان عليه ، حيث بعدُ نموذجاً بارزاً من التخطيط الإسلامي في مجال الاصول التي ينبغي أن تسيّر الإدارة الإسلامية ، والنظام التنفيذي في الحكومة الإسلامية عليها.
* * *
النظام التنفيذي للحكومة الإسلامية في عصر النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله :
بالرغم من أنّ الحكومة الإسلامية على عهد النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله كانت بسيطة جدّاً في تكوينها ، إلّاأنّ كل ما تحتاجه الحكومة القوية والمقتدرة ، كان منظوراً في تركيبة تلك الحكومة ، إذ كان مسجد الرسول صلىاللهعليهوآله بما يعنيه من بساطة عجيبة ، يمثل القاعدة الأساسية للحكومة ونظامها التنفيذي.
فهو من جانب يمثل الجامعة الإسلامية ، ذلك لأنّه يمثل مهداً لتعلم الدين والقراءة والكتابة والتربية في الليل والنهار.