ضربات القلب بشدّة عالية لإيصال المزيد من الدم إلى العضلات ، وتزداد سرعة عمل الرئتين لتنقية الدم وتصفيته ، وايصال المزيد من الاوكسجين اللازم لحركة العضلات ، وتزول جميع آثار التعب والكسل والنوم من الإنسان بشكل مؤقت ، ويراقب أوضاعه وحركاته بمنتهى الذكاء واليقظة ، وبعبارة اخرى ، يطير الكرى عن مقلتيه.
وينسى الإنسان فجأةً وبشكل لا إرادي جميع الامور التي من الممكن أن تشغل فكره وتعيقه عن أداء هذا العمل من قبيل الجوع ، والعطش ، والألم!
ويستنفر الجسم جميع طاقاته الكامنة فيه ، ويصبح مستعداً لأداء أصعب الاعمال وأكثرها مشقة ، ويبدي أحياناً عشرة أضعاف ممّا يبديه من الطاقة في الحالات الاعتيادية ، وجميع هذه الامور تتم بشكل تلقائي واتوماتيكي تماماً وبمستوى عالٍ من الدقة والظرافة ، بحيث أن مجرّد مطالعة هذا الموضوع لوحده يكفي للوقوف على علم الله تعالى وعجيب قدرته ، والاطلاع على حقيقة التوحيد.
وكلّ مجتمع بشري ينطبق عليه نفس الحكم الذي ينطبق على الجسم ، ولهذا السبب لا بد من تقسيم الأعمال فيه بشكل دقيق ، ومواصلة تأمين متطلباته الثقافية ، والاقتصادية ، والعسكرية ، والمادية والمعنوية ، من خلال التخطيط الدقيق لذلك ، وبالرغم من الاختلاف الموجود بين كل منها ، فإنّ التناغم والتنسيق وإكمال كل منها للآخر يعدّ أمراً في غاية الضرورة.
ولهذا السبب أيضاً فإنّ جميع المجتمعات البشرية ـ سواء المتدينة أو البعيدة عن الدين ، شرقيّها أو غربيّها ، قديمها أو جديدها ـ رضخت لهذه القاعدة في حياتها الاجتماعية ، بالرغم من التفاوت الموجود فيما بينها في كيفية تقسيم الاعمال والمناصب والمسؤوليات ، إذ إنّ البعض منها بدائي جدّاً في ذلك والبعض الآخر تعمل بشكل دقيق للغاية.
النظام التنفيذي في عالم الوجود :
بالرغم من الله تبارك وتعالى قادر على كل شيء ، وكل مايريده يتحقق بارادته تعالى فوراً : (إِنَّما امْرُهُ اذَا ارَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). (يس / ٨٢)