مسؤولاً فقط أمام القانون لا أكثر ، ذلك القانون الذي له أكثر من ألف طريقة للفرار والتبرير.
٥ ـ وفي سورة النساء يخاطب القرآن الكريم جميع المؤمنين ويذكّرهم بأصل مهم ، وهو تقديم الأصول والضوابط على الروابط ، ويقول :
(يَا ايُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ للهِ وَلَوْ عَلَى انْفُسِكُمْ اوِ الْوالِدَيْنِ وَالاقْرَبِينَ انْ يَكُنْ غَنِيّاً اوْ فَقِيراً فَاللهُ اوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى انْ تَعْدِلُوا وَانْ تَلْوُواْ اوْ تُعْرِضُوا فَانَّ اللهَ كَانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً). (النساء / ١٣٥)
وبهذا لا ينبغي للروابط بين الأب والأم والأبن والأخ أن تكون حجر عثرة أمام تطبيق القانون وإجراء العدالة ، بل حتى المنافع الشخصية لابدّ من نسيانها وتركها في مقابل الحق.
ومن البديهي أنّ مثل هذه الكلمات يمكن أن تطرح في المحافل المادية ، ولكن مضافاً إلى عدم وجود الضمانات العملية في تطبيقها ، لا يمكن تصوّر مفهوم صحيح عنها ، ولهذا نجدهم يقدّمون المنافع الشخصيّة والحزبية دائماً على القيام بالعدل والقسط ، فالروابط حاكمة هنا على الضوابط ، وأحياناً يتم هذا المعنى من تجاوز القوانين علناً في التصرفات المتناقضة للحكّام الماديّين فيما لو تشابهت المفردات ، أحدهم يسير وفق المصلحة ، والآخر على نقيضه ، فهنا يتضح زيف الشعارات المتعلقة بالقسط والعدل وحقوق البشر ويثبت بطلانها.
* * *
هناك ملاحظات ملفتة للنظر في الروايات الإسلامية لبيان الثقافة الحاكمة على الحكومة الإسلامية يطول شرحها ، ولكن يمكن الإشارة إليها باختصار :
١ ـ رعاية الاصول الأخلاقية في حرب مع الأعداء
بالرغم من أن الحرب تمثل منتهى الخشونة لدى الإنسان ، وتكون مع الأسف ضرورية في بعض الأحيان مقابل من لا يدرك سوى منطق القوة ، مع ذلك نجد أنّ الإسلام في برنامجه الحربي قرن المسائل الإنسانية مع وحشية الحرب ، وأوجب على المسلمين رعاية الأصول