٣ ـ الإقتصاد في كلّ شيء
من مميزات الثقافة الإسلامية أيضاً الاقتصاد والدقّة في صرف أموال بيت المال بعنوان أنّه وديعة وأمانة إلهيّة بيد المسؤولين يحاسبون عليها يوم القيامة حساباً عسيراً ، والحادثة المعروفة التي وقعت لعقيل بن أبي طالب أحد الشواهد على ذلك حيث طلب من أخيه الإمام علي عليهالسلام أن يفضله على الآخرين في العطاء ، فنجد أنّ الإمام عليّاً عليهالسلام رفض وضع أدنى امتياز بين أخيه والآخرين حتىّ أنّه عليهالسلام أحمى له حديدة وقربها من يده وحذّره من عذاب الله يوم القيامة.
وهناك موارد اخرى كثيرة ولا نظيرلها ستبيّن دقة المسؤولين ورجال الإسلام في هذا المجال ومن ذلك تعليمات الإمام علي عليهالسلام إلى الكُتّاب في الحكومة الإسلامية حيث يقول عليهالسلام :
«ادِقُّوا اقْلامَكُمْ وَقارِبُوا بَيْنَ سُطُورِكُمْ وَاحْذِفُوا عَنّي فَضُولَكُمْ ، وَاقْصُدُوا قَصْدَ الْمَعاني ، وَايّاكُمْ وَالاكْثارَ ، فَانَّ امْوالَ الْمُسْلِمينَ لا تحتمل الاضْرارَ» (١).
وقد بيّن الإمام الصّادق عليهالسلام هذا المعنى بصورة كلية حيث قال :
«انَّ الْقَصْدَ امْرٌ يُحِبُّهُ اللهُ عَزَّوَجَلَّ وَانَّ السَّرَفَ يُبْغِضُهُ حَتّى طَرْحَكَ النواةَ فَانَّها تَصْلحُ لِشَيءٍ وَحَتّى صَبَّكَ فَضلَ شَرابِكَ» (٢).
وقد ثبت في هذا الزمان أن كل شيء لا ينبغي أن يطرح ، فيمكن الاستفادة حتى من القمامة والمواد الزائدة للمصانع وغيرها ، وحتى أنّ مياه المجاري مع قذارتها ورائحتها النتنة يتم تصفيتها من جديد وإرسالها إلى المزارع ، وكذلك يتم جمع القمامة فيصنعون منها منتوجات مختلفة ، ونختم هذا الكلام بحديث كريم من دعاء الصحيفة السجادية للإمام علي بن الحسين عليهالسلام في هذا المجال حيث يدعو الله تبارك وتعالى ويقول :
«اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَالِهِ وَاحْجُبْنِي عَنِ السَّرَفِ وَالازدِيادِ ، وَقَوِّمْنِي بِالبَذْلِ وَالاقْتِصادِ ، وَعَلِّمْنِي حُسْنَ التَّقْدير ، وَاقْبِضْنِي بِلُطْفِكَ عَنِ التَّبْذِيْرِ» (٣).
__________________
(١) الخصال ، ج ٢١ ، الباب ٢٥ ، ح ٨٥ ؛ بحار الأنوار ، ج ٧٣ ، ص ٤٩ ، ج ١٠١ ، ص ٢٧٥.
(٢) بحار الأنوار ، ج ٦٨ ، ص ٣٤ ، ح ١٠.
(٣) الصحيفة السجادية ، الدعاء ١٣٠ (دعاؤه في المعونة على قضاء الدين).