من يكون له حق الفصل والقضاء؟
تمهيد :
كما أن حق الحكومة والحاكمية يعود إلى الله تعالى على أساس أصل «التوحيد الأفعالي» المسلّم به ، كذلك حق القضاء أيضاً يعود إلى من له الإذن من الله تعالى.
«التوحيد الأفعالي» يقول : إنّ كل الأفعال تعود إلى الله تعالى ، و «توحيد الخالقية» يقول : إنّ كل شيء في هذا العالم خُلق منه و «توحيد الحاكمية» الذي هو فرع توحيد الخالقية يقول : إنّ الحكومة لله تعالى خالصة ، وهذا هو السبب في كون القضاء في محيط حكومته من اختصاصه تبارك وتعالى ومن يأذن له بذلك.
من جانب آخر يقول توحيد الطاعة : إنّ الأمر المطاع والمقبول إنّما هو أمر الله تعالى ومن يعود أمره إلى أمر الله تعالى ، فعلى هذا الأساس لابدّ أنّ يكون الحكم القضائي المقبول أيضاً بإذن منه تعالى.
لو نظرنا إلى المجتمع البشري من هذه الزاوية فسوف نجد أنّ مبدأ القضاء واضح جدّاً ، فلا نقع في حيرة في تشخيصه مطلقاً ، لأنّ أنظارنا متوجهة إلى نقطة واحدة وهي التي صدر منها الوجود ، وانبعثت منها الخلائق ، والأمر النافذ في كل شيء هو أمره ، إذن فلابد أن نسعى كي تكون محاكمنا القضائية خاضعة لأمره ومصطبغة بصبغة إلهيّة كي نحصل بذلك على مشروعيتها.
نعود بعد هذا التمهيد إلى القرآن الكريم لنكتشف مسألة انحصار القضاء والتحكيم بالله تعالى :