الحدود والتعزيرات في الإسلام
في معرض البحث عن النظام القضائي في الإسلام ، لابدّ من الإشارة السريعة إلى مسألة «الحدود والتعزيرات» (وتفصيل ذلك موكول إلى كتاب أو كتب مستقلة) وهذا البحث في الحقيقة مكملُ لأبحاث القضاء في الإسلام ، لأنّ وظيفة القاضي هي «احقاق الحقوق» و «اجراء الحدود» ليردع المجرمين ، ويحذّر المنحرفين والذين تلوثت أيديهم بالاجرام ، وهنا لابدّ من بحث وتسليط الضوء على عدّة مواضيع.
١ ـ فلسفة الحدود والتعزيرات في الإسلام
لا شكّ في أنّ تشريع الأحكام الإلهيّة إنّما هو من أجل دعوة الناس إلى القسط والعدل ، وهداية المجتمع إلى طرق الأمن والامان ، ليتمكن الناس من كسب الفضائل والتخلص من الرذائل ، والسير إلى الله ومقام القرب الإلهي والذي هو أعلى مقصد للخلق.
ولما لم تكن الأحكام الإلهيّة بمفردها مؤثرة في كل النفوس ، كان من اللازم أن تقترن بالانذار والتبشير من أجل خلق الدافع لدى الناس للتحرك باتجاه العمل بها.
ولمّا لم تكن الانذارات والبشارات الاخروية كافية لردع بعض الناس من ارتكاب المخالفات وداعية لقيامهم بالواجبات والوظائف الفردية والاجتماعية ، كان من اللازم تعيين مجازات دنيوية لاولئك الذين يتجاوزون الحدود الإلهيّة المرسومة ، ويسحقون الحق والعدالة باقدامهم ، لتكون تلك المجازاة ضامناً لإجراء هذه الأحكام بين أولئك الذين لم يتربوا تربية دينية كافية والذين يفتقدون التقوى الدينية.