عبادالله ، ولهذا فإنّ أول ما طلبه إبراهيم الخليل عليهالسلام من ربّه عندما بنى الكعبة ، هو أن يجعل ذلك البيت آمناً فقال : (رَبِّ أجْعَل هَذَا بَلَداً آمِنَاً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَومِ الآخِرِ). (البقرة / ١٢٦)
وبذلك طلب نعمة الأمن قبل الأرزاق الاخرى ، لأنّه كان يعلم أنّ فقدان الأمن يمنع من الاستفادة من المواهب الاخرى.
٢ ـ معنى الحدِّ والتعزير
«الحدود» : جمع «حدّ» وهو لغةً بمعنى «المنع» ، وانتخاب هذا الاسم لقسم من المجازاة الشرعية هو لأنّها تمنع الناس من ارتكاب بعض المخالفات القانونية الشرعية. وهي في الاصطلاح الشرعي في عبارات الفقهاء ، مجازاة خاصة تجرى في حق المكلفين لارتكابهم بعض الذنوب.
وأمّا «التعزير» في اللغة فهو بمعنى «التأديب» وقد يأتي أحياناً بمعنى «التعظيم» أو «النصرة» و «المنع» ، وفي الاصطلاح بمعنى المجازاة والاهانة ، حيث لم يرد فيها مقدار معين في الشرع وإنّما أوكلت إلى نظر القاضي ، فهو الذي يحدد مقدار ونوع التعزير طبقاً «لميزان الجرم» الذي يرتكبه المذنب و «مقدار تحمله».
وعلى هذا فالفارق بين «الحدِّ» و «التعزير» هو أنّ مقدار الأول ثابت ومحدد ، وأمّا التعزير فهو في الأغلب غير معين ، وقلنا (في الأغلب) لأنّ بعض التعزيرات ورد فيها مقدار معين في الروايات الإسلامية ، وتفصيل ذلك في كتاب الحدود ، ومع ذلك وقع الخلاف في أنَّ تعيين المقدار في تلك التعزيرات هل هو معيّن قطعي أم أنّه مذكور من باب المثال والمصداق؟
وتوجد بعض الفوارق الاخرى بين الحدِّ والتعزير ، حتّى عَدَّ الشهيد في كتاب «القواعد» عشرة وجوه للاختلاف بينهما ولامجال هنا لتفصيل الكلام فيها (١).
__________________
(١) القواعد ، الشهيد الأول ، ج ٢ ، ص ١٤٢.