وخلاصة الكلام : أولاً : إنّ حكم توبة المرتد الفطري مختص بالرجال المتولدين من مسلمين ، وقبلوا الإسلام أولاً ثم رجعوا عنه ، فمن لم يقبل الإسلام عند بلوغه ، لا تشمله تلك الأحكام!
ثانياً : الأشخاص الذين لازالوا في حال التحقيق والفحص ، غير مشمولين بهذا الحكم حتى لو كانت نتيجة تحقيقهم هي الرجوع عن الإسلام واعتناق عقيدة أخرى ، لكن بشرط أن لا يظهروا خلافهم وعداءهم للإسلام بالقول ، فلا يتعرض لهم حينئذٍ أحدٌ ، ويعفون عن تلك العقوبات.
ثالثاً : متى ما سُكِتَ عن المرتدين ، خيف على الإسلام من التآمر عليه يومياً من قبل جماعات (كاليهود في صدر الإسلام) وخيانة المسلمين وزلزلة اعتقادات الناس والثورة ضد الحكومة الإسلامية عن طريق اظهار الارتداد ، ومن هنا يعمّ الهرج والمرج العظيمين في المجتمعات الإسلامية ، خاصة وإن مثل هذهِ الأعمال التخريبية لها آثار سريعة وخطيرة ، ولذا فإنّ الإسلام تعامل معها بشدّة وصرامة.
٦ ـ حدّ شرب الخمر
بحثت مسألة شرب الخمر وآثارها الوخيمة في عدّة آيات من القرآن الكريم ، ولكن لم يرد في القرآن حدُّ شرب الخمر ، وإنّما ورد ذلك في الروايات الإسلامية ، وحدّ شرب الخمر هو ثمانين جلدة ، فقد ورد في حديث عن بريد بن معاوية عن الإمام الصادق عليهالسلام قال :
«إنَّ فِي كِتابِ عَلِيّ يُضْرَبُ شارِبُ الْخَمْرِ ثَمانِينَ وَشارِبُ النَّبيذِ ثَمانينَ» (١).
(والخمر هو الشراب المتخذ من العنب ، والنبيذ : الشراب المتخذ من التمر وقد يطلق أحياناً على معنى أوسع).
وقد ورد في بعض الروايات تعليل هذا الحدّ بأنّ شارب الخمر يسكر فاذا سكر افترى وتعرض بالقذف (لناموس الناس ، ومن هنا كان حدُّه حدِّ القذف) (٢).
__________________
(١) مرآة العقول ، ج ٢٣ ، ص ٣٣٠ ، ح ٤.
(٢) المصدر السابق ، ص ٣٣١ ، ح ٧.