وأمير خيّر مُطاع ، وطبيب بصير ثقة» (١).
وقلنا مراراً إن ما ورد في الروايات الإسلامية يدلّ على ضرورة وجود حكومة وإن كانت ظالمة خير من الفوضى ، حيث نقرأ لأمير المؤمنين عليهالسلام قوله : «والٍ ظلوم غشوم خيرٌ من فتنة تدوم» (٢).
ويعني ذلك أنَّه حتى في حالة عدم القدرة على تحقيق حكومة عادلة فلا أقل من إقامة حكومة وإن كانت ظالمة وجائرة وذلك في سبيل الاستقرار والأمن للبلد وحدوده ومنع العدوان عليه ، وفي غير هذه الحالة تسود حالة من اللّا أمن والتدهور حيث ستُراق دماء الكثير من الأبرياء دون أيّ وازع مِمّا سيسهّل على الأعداء النفوذ إلى داخل البلد والسيطرة عليه.
* * *
ضرورة الحكومة في التصور العقلي :
كان ما ذكرناه حول ضرورة الحكومة في التصور القرآني والروائي والتي أشارت جميعها وبالأدلة القاطعة على ضرورة وجود الحكومة للمجتمعات الإنسانية ، وهنا نُشير إلى ضرورة الحكومة من خلال الأدلة العقلية حتى تتّضح المسألة لنا أكثر.
وتنطلق هذه الأدلة أحياناً في تصور شخص يؤمن بالتوحيد ، وأحياناً اخرى نراها من وجهة نظر الشخص المادي ، حيث نلاحظ عاملاً مشتركاً بينهما وهو اعتقادهما بضرورة وجود الحكومة للمجتمع البشري وإن كانت آراؤهما تتفاوت وتتباين في أحايين اخرى.
ويمكن الإشارة إلى الأدلة المشتركة في التصور العام فيما يخصّ هذا الموضوع وهي :
أولاً : إنّ حياة الإنسان تنطبع بطابع اجتماعي بحيث لو خَلَتْ حياته من هذه الصفة فإنّها ستكون في أدنى مستوى لها من الجاهلية والوحشية والانحطاط ، لأنّ كل المنافع والآثار
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٧٥ ، ص ٢٣٥.
(٢) غرر الحكم ، ج ٢ ، ص ٧٨٤ ، ج ٥٠ ، باب الواو.