الشيرازي ، المصنف في الفقه الشافعي ، وأنّ عمر اشترى تلك الدار وبدّلها إلى سجن (١).
ومن هنا نجد أنّ بعض الشعراء في زمن الخليفة الثاني قد ضمنوا أشعارهم ببعض الأبيات التي لم ترق للخليفة أو أنّها كانت مخالفة للشرع فكان عمر يأمر بحبسهم في تلك السجون ، ولذا نظم بعضهم بعض الأبيات معتذراً ومبيناً براءته من التهمة ، ومن مجموع هذه الأمور يتضح الشاهد الحي على وجود السجن في زمن خلافة عمر.
ومن جملة هؤلاء الشعراء ، «الحطيئة» الذي حبسه عمر فانشد هذين البيتين وأرسلهما إلى عمر :
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ |
|
حُمرِ الحواصِل لا ماءٌ ولا شجرُ! |
ألْقَيتَ كاسِبَهُمْ في قَعرِ مُظلمةٍ |
|
فارحَمْ عليك سلامُ الله يا عُمَرُ! |
ومن تعبيره «قعر مظلمة» بالخصوص يستفاد أنّ ذلك السجن كان عميقاً ومظلماً فكأنّه كان طامورة.
وهناك قرائن اخرى تدل على وجود مثل هذا السجن في زمن عمر ، إذ مع اتساع رقعة العالم الإسلامي يزداد عدد الجرائم والمجرمين لا محالة ، فلا يمكن تصور عدم وجود سجن ومحبس للمجرمين.
السجن في زمن أمير المؤمنين علي عليهالسلام :
والوجه الوحيد الذي يبقى للجمع بين كلام أولئك الذين نفوا وجود السجن في زمن عمر وبين كلام أولئك الذين يصرّون على وجوده هو أنّ عمر لم يقدم على بناء السجن وإنّما اكتفى بشراء دار «صفوان بن أميّة» بأربعة آلاف درهم واستفاد منه في هذا المضمار.
وأمّا في عصر أمير المؤمنين علي عليهالسلام فإنّه أقدم شخصياً على بناء السجن (لكي تراعى المسائل الإنسانية بشكل أفضل في حق المسجونين ، وللحِّد من فرارهم).
والظريف في هذا المقام هو أنّ التواريخ نقلت أنّ الإمام عليهالسلام بنى أولَّ سجن من «البواري»
__________________
(١) المهذب ، ج ٢ ، ص ٢٩٤.