٥ ـ السجن بسبب النزاهة
ومن أعجب أنواع السجن على طول التاريخ ، السجن الذي يبتلى به بعض الأشخاص بسبب نزاهتهم وبراءتهم ، ولابدّ من الإلتفات إلى النزاهة والطهارة تعدُّ جُرماً في المحيط الملوث بالذنوب والآثام!! لأنّ ذلك يؤدّي إلى افشال مخططات هؤلاء الملوثين ، فكم من يوسفٍ على مرِّ التاريخ أودع السجن بذنب الطهر والعفة والرغبة عن الذنوب.
كما في يوسف الذي دخل السجن بسبب طهارته وعفته.
ومن الواضح أنّ مثل هذه السجون التي ليس لها أية فلسفة عقلية وشرعية خارجة عن موضوع بحثنا ، وإنّما أشرنا إليها للتوضيح والضرورة.
* * *
٣ ـ السجن من وجهة نظر القرآن الكريم
لا شك في أنّ كثيراً من الامور التي ذكرت في فلسفة السجن أمور معقولة ، وفي الواقع يعتبر السجن تبعاً لتلك الامور ضرورة اجتماعية ، سواء كان لمعاقبة المجرمين أو كان لإصلاحهم وتأديبهم ، أو كان لقطع خطرهم أو قطع جذور الفساد وغير ذلك من المسوغات ، وقد وردت إشارات عديدة لهذا المعنى في القرآن المجيد.
ولا يخفى أنّ الألفاظ التي تدل على مفهوم «السجن» كثيرة في لغة العرب وقد استعملت في القرآن والسنّة الشريفة ، وبعض تلك الألفاظ بشكل واضح الدلالة على هذا المعنى ، وبعضها قابل للبحث والنقاش.
ومن جملة المصطلحات ، لفظة «السجن» التي وردت في تسعة موارد في آيات القرآن الكريم في سورة يوسف بمناسبة حبس هذا النبي الكريم الطاهر «بنفسها أو بمشتقاتها». واستعملت في مورد واحدٍ في قصة فرعون في سورة الشعراء حيث خاطب فرعون موسى عليهالسلام مهدداً ايّاه بالسجن وحكى هذا القول القرآن الكريم بقوله تعالى : (قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ الَهاً غَيْرِى لَاجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ). (الشعراء / ٢٩)
فمن هذه التعبيرات يُستفاد أنّ السجن بمعناه الواقعي كان موجوداً في عصر موسى وفرعون ، وحتى قبل ذلك أي في زمن يوسف وعزيز مصر ، فكانوا يودعون المذنب والبريء