ونفس هذا الكلام قيل في مورد الجوع ونحوه.
ومن مجموع ذلك يستفاد تأمين الغذاء ومراعاة التهوية الكافية في السجن كي لا تتعرض حياة السجين وسلامته للخطر.
٤ ـ ذكر كثيرٌ من الفقهاء في بحث آداب القاضي ، أنّ على القاضي إذا دخل المدينة أن يطالع أحوال السجناء وملفاتهم ويحقق فيها ويدرسها بشكل جيد ، ليطلق من انتهت فترة محكوميته أو حُبس بلا دليل كافٍ ، فوراً.
وصرح بعض الفقهاء أنّ على القاضي حين وصوله إلى المدينة أن يعلن للملأ بأنّه سيدرس قضايا السجناء في موعدٍ يعينه لهم ليتسنى لذوي السجناء الحضور ساعة التحقيق ، وعندما يحضر أطراف النزاع يقرأ أسماء السجناء واحداً بعد الآخر.
ويسألهم عن علة حبسهم ، ثم يسأل من طرف الدعوى الآخر ، فإن كان عنده دليل مقنع على حبسه ، ردّه إلى السجن ، وإن لم يكن هناك مدعٍ ، أعلن عن إسمه ليأتي من يدعي عليه شيئاً ويطرح دعواه عند القاضي ، وإلّا أطلق صراحه (١).
٦ ـ الطرح التّاريخي لأبي يوسف لحماية السّجناء
يعتبر العصر العباسي من فترات التّاريخ الإسلامي المظلمة ، واحد الشّواهد الحيّة على ذلك هو ازدياد عدد السّجون والضّغط الشدّيد على السّجناء ، واعتقال الأبرياء بتهم واهية ، وتعذيب القرون الوسطى.
لقد تسربت أخبار هذه السّجون الرهيبة إلى الخارج على الرّغم من التعتيم الشّديد من الحاكم في ذلك العصر ، حتى تعالت صرخات النّاس من هنا وهناك ، وطالبت العلماء في ذلك الوقت للتدّخل في الأمر لوضع حد لهذا الإرهاب والظّلم.
ومن جملة الأمور الايجابية التي تحققت في هذا المجال ، الطرح الذي قدمّهُ أبو يوسف الفقيه السّني المعروف وتلميذ أبي حنيفة ، حيث إنّ هارون الرّشيد ومن أجل أنْ يكمَّ أفواه
__________________
(١) جواهر الفلاح ، ج ٤ ، ص ٧٤.