هذا على الرّغم من أنّ البعض يتصور أنّ مراد الآية ، المهاجرون فقط ، ولكن من الواضح أنّ الآية الشّريفة لها مفهوم أوسع وتشمل الجميع حتى قيام القيامة.
والنكتة التي لابدّ من الإلتفات إليها أيضاً هي أنّ القرآن الكريم غالباً ما يعبر بلفظ «الإقامة» في خصوص الصّلاة إلّافي مورد المنافقين حيث عبر بالقيام بدل الإقامة ، حيث يقول واصفاً إيّاهم ، (وَإِذَا قَامُوا الَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالى). (النّساء / ١٤٢)
وهذا التعبير قد يكون إشارة إلى أنّ المؤمنين الحقيقيين لا يؤدّون الصلاة بأنفسهم فحسب ، بل إنّهم يحاولون إقامة الصلاة في كل المجتمع ، وقال البعض إنّ ذلك إشارة إلى أنّ هؤلاء المؤمنين ليس فقط يأتون بظاهر الصّلاة وصورتها بل إنّهم يحاولون إقامة الصلاة بكل محتواها الحقيقي وشرائط صحتها وكمالها (والجمع بين هذين التفسيرين ليس مشكلاً).
* * *
وفي الآية السّابعة والأخيرة نلاحظ نكتة اخرى حول الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، وهي أنّ هذين الأمرين المهمين ليسا من مختصات الشريعة الإسلامية فقط ، بل إنّ هناك تأكيد شديد عليهما في الأمم السّالفة أيضاً (وإن كانتا قد أخذتا شكلاً موسعاً وأساسياً في الشّريعة الإسلاميّة).
فينقل لنا القرآن الكريم عن لسان لقمان ذلك الرّجل الحكيم العالم :
(يَا بُنَىَّ اقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى ما اصَابَكَ انَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الامُورِ).
فهنا اعتبرت الآية أنّ رمز انتصار الإنسان في أربعة أُمور :
إقامة الصلاة ، الأمر بالمعروف ، النّهي عن المنكر ، والصّبر.
وجملة (إِن ذَلِكَ مِنْ عَزمِ الأمُورِ) قد تكون إشارة إلى خصوص الصبر المذكور في الذيل ، وقد تكون شاملة للاصول الأربعة جميعاً.
ولابدّ هنا من التدقيق في هذه النّكتة وهي أنّ اقتران الصّبر بمسألة الأمر بالمعروف