نعم ، فالحجّ يمكن أنْ يكون مؤتمراً سنوياً ثقافيّاً عظيماً ـ بل مؤتمرات ـ فيلتقي العلماء من كل أنحاء العالم الإسلامي في الأيّام التي يتواجدون فيها في مكة المكرمة ، فتُتبادَل الأفكار والإبداعات الّتي يحملونها فيما بينهم مضافاً إلى آثار الحجّ المعنويّة الخاصّة.
وفي الفترات المظلمة لحكومة السّلاطين الظّالمين والطّغاة الّذين لم يفسحوا المجال لانتشار العلوم والمعارف الإسلاميّة ، كان المسلمون يستفيدون من الظّرف الّذي يتاح لهم في موسم الحجّ لحلّ الكثير من مشاكلهم ، وبالإلتقاء بائمّة الهدى عليهمالسلام وكبار علماء الإسلام ، حيث كانوا يطّلعون على المعارف والقوانين الإسلاميّة وسنة النّبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وعندما يعودون إلى بلادهم ، يعودون وهم يحملون رسالات مهمّة في الأخلاق والثّقافة وشتى العلوم.
* * *
٨ ـ تأثير المساجد والأماكن المقدّسة
من جملة المراكز التي يمكنها أن تشارك في نشر الثّقافة الإسلاميّة ، وتكون مؤثرة في زيادة اطلاع عامة المسلمين ، هي الأماكن المقدّسة التي يرتادها الزّائرون لزيارة مراقد قادتهم العظام حتّى يشدُّ هؤلاء الرحال من بلدانهم في سفر معنوي باتجاه تلك المشاهد الشّريفة ، وهذا بنفسه وسيلة جيدة لتبادل المعلومات والمعارف ، ومواجهة الهجمة الثّقافية المضادة للإسلام.
وهناك بعض المساجد الشّهيرة في الإسلام ، امرنا بشدِّ الرحال إليها ، لتسبح الروح ويغوصُ القلب في بحر متلاطم من الرّوحانيّة والمعنويات والنّور ، ولتقوية الارتباط بين المسلمين الذين يفدون من مناطق قريبة وبعيدة لزيارة تلك المساجد.
وقد ورد في حديث عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام قال : «لا يُشَدُّ الرّحال إلّاإلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجد الرّسول ومسجد الكوفة» (١).
__________________
(١) وسائل الشّيعة ، ج ٣ ، ص ٥٥٢ ، أبواب أحكام المساجد ، الباب ٤٤ ، ح ١٦.