الأجيال والعصور المختلفة وفي الأمكنة المختلفة ، فهو يربط أهل القرون السّابقة بالقرون السائدة واللاحقة ، ولذلك يقول أحد العلماء : «بيانُ اللِّسان تُدرِسُهُ الأعوام وما تُثبتُهُ الأقلام باقٍ على مرِّ الأيّام».
وكذلك قال بعض العلماء : «ينبغي أن لا تسقط برايا الأقلام تحت الأقدام ، فإنّها محترمة أيضاً!».
والنّكتة الملفتة للنّظر هي أنّه كما أنّ البيان من خصوصيات الإنسان ، فإنّ القلم أيضاً من مختصاته ، بل إنّ القلم أعقد بكثير من البيان باللِّسان ، وليس عبثاً أن يكون أمرُ تعليم الكتابة بالقلم من قبل الله نفسه ـ بشكل مباشر بواسطة أحد الأنبياء (آدم أو إدريس) أو بطريق غير مباشر ، أي منح موهبة وقابلية القراءة والكتابة للبشرية ـ من أكبر النعم الإلهيّة على الإنسان ، وأنّ الآيات القرآنية الأولى للوحي قد استندت إلى القلم ، وأشارت إليه بعد الإشارة إلى عظمة الله.
* * *
وفي الآية الثّالثة وهي مقطع من أطول آيات القرآن المجيد ، والنّاظرة إلى تنظيم العلاقات اليوميّة بين النّاس ، نجد اهتماماً خاصاً بمسألة القلم ، يقول عزوجل : (وَلْيَكْتُبْ بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ) ثُمّ يضيف : (وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللهُ فَلْيَكْتُبْ وَلُيملِلِ الَّذِي عَلَيهِ الحَقُّ ...).
فهنا تعتبر الآية أنّ القدرة على الكتابة موهبة إلهيّة ، ويوصي أولئك الّذين شملتهم هذه العناية الرّبانيّة أن يعينوا أولئك الاميين لإحقاق حقوقهم ، فيستفيدوا من هذه القدرة ويكتبوا لهم.
* * *