جوهري ، وكلّ واحدٍ منها إشارة إلى إحدى المسائل الاساسيّة في المجتمعات البشريّة «العلم والكتابة» «الجهاد والشّهادة» «السّعي والعمل»!
٧ ـ يقول الإمام الصّادق عليهالسلام للمفضّل ضمن بيان نعم الله العظيمة على البشرية :
«وكَذَلِكَ الكِتابَةُ الَّتي بِها تُقَيَّدُ أخْبارُ الْماضِيْنَ لِلْباقينَ وَأَخْبارُ الْباقينَ لِلآتينَ وَبِها تُخَلَّدُ الْكُتُبُ فِي الْعُلُومِ وَالآدابِ وَغَيْرِها وَبِها يَحْفَظُ الإنْسانُ ذِكْرَ ما يَجْرى بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنَ الْمُعامِلاتِ وَالْحِسابِ ، وَلَوْلاهُ لانْقَطَعَ اخبارُ بَعْضِ الأزْمِنَةِ عَنْ بَعْضٍ ، وَأَخْبارُ الْغائبينَ عَنْ أوْطانِهِم ، وَدَرَسَتِ الْعُلُومُ وَضاعَتِ الآدابُ ، وَعَظُمَ ما يَدْخُلُ عَلَى النّاسِ مِنَ الْخَلَلِ فِي أُمُورِهِمْ وَمُعامِلاتِهِمْ ، وَما يَحْتاجُونَ إلَى النَّظَرِ فِيهِ مِنْ أمْرِ دِينِهِمْ وَما رُوِيَ لَهُمْ مِمّا لا يَسَعُهُمْ جَهْلُهُ» (١).
٨ ـ ونختم هذا البحث برواية عن رسول الله صلىاللهعليهوآله تكشف الستار عن أهميّة بقاء الآثار العلمية بواسطة الكتابة ، وتدعو العلماء وتحفزهم وتشدُّهُمْ إلى ذلك ، يقول صلىاللهعليهوآله :
«الْمُؤمِنُ إذا ماتَ وَتَرَكَ وَرَقَةً واحِدَةً عَلَيْها عِلْمٌ ، تَكُونُ تِلْكَ الْوَرَقَةُ يَوْم القِيامَةِ سِتْراً فيما بَيْنَهُ وَبَيْنَ النّارِ وَأعْطاهُ اللهُ تَبارَكَ وَتَعالى بِكُلِّ حَرْفٍ مَكْتُوبٍ عَلَيْها مَدينَةً أوْسَعُ مِنَ الدُّنْيا سَبْعَ مَرّاتٍ» (٢).
* * *
٢ ـ وصايا مهمة للحكومات الإسلامية
من مجموع ما قرأناه في الآيات والرّوايات ، تتضح لنا هذه النّقطة ، وهي أنّ المسلمين في القرون الأولى لظهور الإسلام لما توجهوا للعلوم والفنون والمعارف ، وأوجدوا نهضة علميّة واسعة عمّت بركاتها وثمارها اوربا أيضاً ، فإنّ جذور ذلك موجود وكامن في الثّقافة الّتي علمهم إيّاها الإسلام ، ومن الواضح جدّاً أنّ على الحكومات الإسلاميّة أن تهتم بهذه المسألة
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٥٨ ، ص ٢٥٧.
(٢) المصدر السابق ، ج ١ ، ص ١٩٨.