الركن الخامس : الدفاع (القوات المسلحة)
تمهيد :
لو كانت الدنيا خالية من الظّلمة الطّامعين والمعتدين والمتجاوزين ، لما كان هناك أيّة ضرورة لوجود القوات المسلحة لحفظ الحدود ، ولعاش النّاس في بلادهم آمنين مطمئنين تربطهم روابط تجارية وثقافية وسياسية واجتماعية واقتصادية سالمة وطبيعيّة.
ولكن حب الإستعلاء والتّسلط الذي قد يوجد أحياناً عند بعض الأفراد ، وأحياناً عند بعض الشعوب ، يؤدّي غالباً إلى اعتداء هذا الفرد أو ذلك الشعب على فرد آخر أو شعب آخر ، وفي مثل هذه الحالات يحق للجميع أن يتسلحوا ويستعدّوا لحفظ أمنهم وحياتهم ، إذ إنّ النّظام الذي يحكم العالم اليوم وللأسف هو «نظام الغلبة للقوي» وهذا الأمر يبرر لنا فلسفة تشكيل القوى المسلحة وقوات الدفاع.
فصحيح أنّ وجود مثل هذه القوى لم ينجح بشكل كامل لمنع مثل هذه الإعتداءات العدوانيّة ، ولكنّها بلا شك كانت ولا تزال مانعة بنسبة معينة من ذلك ، إذ في كثير من الأحيان يتحتم على القوى المعتدية أن تغامر وتخاطر بوجودها في اعتدائها ، حيث إنّ النتيجة لا تكون معلومة ، فقد تتحمل خسائر جسيمة وتدفع ضريبة غالية في طريق الغلبة على البلد المعتدى عليه وهذا نفسه يمنع في كثير من الأحيان مثل هذه الإعتداءات والحروب.
ومضافاً إلى ذلك ، فإنّ الأُمّة ذات الحضارة والثقافة والتي تريد الحصول على ميدان حرٍّ لتنشر ثقافتها بين الأمم الاخرى تحتاج إلى قوة عسكرية للحصول على ذلك الجو الحرِّ ، ولا يمكنها ذلك بدون الإتكاء على القوة ، وهذه فلسفة اخرى لتشكيل القوى العسكرية.
ولو أردنا بحث هذه المسألة في بعد أوسع ، لابدّ أن نقول إنّ الحياة غير ممكنة بلا