هو للحدِّ من وقوع الحروب التي يكون الهدف منها وساوس ورغبات شيطانيّة وماديّة ، وهذا الأمر هو الفارق الأساسي بين القوى المسلحة الإسلاميّة وبين غيرها! (التفتوا جيداً).
ثُمّ أنّ التّعبير بجملة بنيان مرصوص (وهو البناء الذي استُعمل فيه الرّصاص الذّائب بدلاً من الإسمنت ، لكي يكون صلداً وقوياً) ويمكن أنْ يكون إشارة إلى أنّ أعداء الإسلام كالسّيل الجارف المخرب ، وأنّ صفوف المجاهدين المسلمين كالسدِّ الحديدّي المنيع الذي يصمد أمام السُّيول. أو هو إشارة إلى السّدِّ الحديدي الذي بناهُ ذو القرنين لمقابلة قوم «يأجوج ومأجوج» السّفاكين للدّماء ، أو كناية عن كلِّ سدٍّ يقام في وجه الأعداء وهجومهم.
وعلى أيّة حال ، فإنّ هذا التّعبير يدلّ على أنّ الجهاد في الإسلام له صفة دفاعيّة في الأصل ، لأنّ السّدود وسيلة دفاعيّة مؤثرة في قبال أمثال «يأجوج ومأجوج» على مرِّ التّاريخ ، ولا يوجد سدٌّ لهُ ميزة الغزو والهجوم والإعتداء.
وكما أنّ السُّدود إذا أصابها خَللٌ أو ثغرة فإنّها ستكون معرضة للخطر والتّلاشي ، فكذلك صفوف المجاهدين الرّساليين فمتى ما برز فيها اختلاف وفرقة وعدم انسجام ، فستكون محكومة بالإندحار والفشل ، فالله عزوجل يحب الصّفوف المتراصفة المتحدة المتفقة والمنسجمة تماماً.
* * *
وفي الآية الخامسة ، يأمر نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله أن يحفز المسلمين على قتال الأعداء ، وهذا الأمر وارد بعد تلك الآيات التي تحرض على إعداد القوى لإخافة العدو والحدِّ من وقوع الحروب المدمرّة ، وكذلك بعد الآية التي تحرضهم على الصّلح والسّلم.
وفي الحقيقة ، الحرب في نظر الإسلام آخر وسيلة مشروعة تستعمل للحدِّ من اعتداءات الأجانب الأعداء ، ففي البدء تعدُّ القوى لترهب الأعداء ، ثُمّ دعوتهم إلى السّلم من موضع القدرة لا من موضع الضّعف ، ثُمّ يصدر أمر القتال والجهاد إذا لم تنفع تلك السّبل ، يقول عزوجل : (يَا أَيُّهَا النَّبىُّ حَرِّضِ الْمُؤمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ) ، ثُمّ يشير إلى أهم عوامل النصر يعني