(إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقَاً فِى التَّورَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ).
وهذه التّجارة المربحة بأركانها الأربعة ووثائقها المضمونة ، من أهم التّجارات التي يمكن أن يقوم بها الإنسان في طول عمره ولهذا يبارك عزوجل للمؤمنين بصورة مباشرة هذه المعاملة المربحة حيث يقول : (فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِى بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
نعم لقد كانت هذه الدّواعي هي السبب في وصول معنويات المقاتلين المسلمين إلى أعلى مستوياتها الممكنة ، فمع قلة عَدَدهم وعدّتهم استطاعوا أنّ يتغلبوا على عدوهم في شرق العالم وغربه.
* * *
وفي الآية الثّامنة يخاطب المؤمنين مرّةً أُخرى ويأمرهم بالصبر والمثابرة والإستعداد لصدّ هجمات الأعداء ، يقول عزوجل :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا ورَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
ففي هذه الآية أربعة أوامر مهمّة تضمن عزّة المؤمنين وانتصارهم : الأوّل ، الأمر بالصّبر والصّمود أمام الأحداث المختلفة وهوى النّفس والشهوات ، فيقول : إصبروا وهو في الواقع أساس كل انتصار.
ثُمّ يأمرهم بعد ذلك بالمصابرة ، وهي من باب مفاعلة بمعنى الصّبر والإستقامة في مقابل صبر واستقامة العدو ، وبتعبير آخر فإنّ مفهومها هو إنّه مهما كانت المشاكل كثيرة وصعبة فإنّ صبركم واستقامتكم أيها المؤمنون لابدّ وأنْ يكون أكبر ، وكلما زاد العدو من هجومه ، عليكم أنْ تزيدوا من استقامتكم وصمودكم حتى تغلبوا العدو (وصابروا).
وفي الأمر الثّالث يأمرهم بالمرابطة ويقول : «ورَابِطُوا» ، وهذه الجملة مأخوذة من مادة «رباط» وهي بالأصل بمعنى ربط شيء في مكان ما (كربط الفرس في محلٍ معين) وهي