حتى يتمّ لهم انتخاب الأفراد الذين يرغبون في فوزهم في هذه الانتخابات والخروج بأصوات انتخابية أكثر ، وقد تأخذ هذه العملية ، أي عملية تدخّل أولئك الأفراد طابعاً آخر هو طابع التدخّل الخفيّ وقد يكون غير محسوس ، فيبدو للبعض من أصحاب العقول الساذجة وذوي النيّة الحسنة أنّ هذه الانتخابات إنّما جرت بحرية كاملة تماماً ، بينما يختلف الواقع عمّا يَرَوْنَهُ ، إذ يسيطر ذوو الإمكانات والنفوذ على وسائل الاعلام ويروّجون عن طريقها ، لمن يريدون مستفيدين من أساليب علم النّفس بحيث يتصوّر النّاس أنَّ هؤلاء المرشحين عبارة عن علماء مدبّرين وكأنّهم ملائكة منزلين ، لكنهم في الواقع عملاء يخدمون تلك الطبقة الثريّة وذات السلطة القويّة وكل المصلحيين والوصوليين.
والحقّ أنّ الحكومة في مثل هذه المجتمعات والتي نجدها بكثرة في اروبا وعلى الأخص في أمريكا ، هي حكومة مستبدة وظالمة إلّاأنّها ترتدي زيّ الحكومة الديمقراطية والشعبية.
٣ ـ الحكومة الإلهيّة
وهي الحكومة التي لا تعتمد لا على الإرادة الفردية ولا على الأكثرية الساحقة من الشعب ، بل تنبثق طبقاً لإرادة الله ، ولا شك أنّ إرادة البارىء عزوجل لا تقتضي سوى ضمان المصالح الواقعية لعباده ليس إلّا ، ويمكن مشاهدة مثل تلك الحكومة من خلال حكومة الأنبياء وأوصيائهم الحقيقيّين وأولئك الذين يسيرون على خطاهم وينتهجون منهجهم ، ومثل هذه الحكومة يندر وجودها في العالم.
* * *
لقد ذكر القرآن الكريم نماذج للانواع الثلاثة لهذه الحكومات :
١ ـ أشار القرآن الكريم إلى حكومة فرعون باعتبارها حكومة مستبدة وفردية حيث يقول : (انَّ فِرعَونَ عَلَا فِى الأَرضِ وجَعَلَ أَهلَهَا شِيعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبنَاءَهُم وَيَسْتَحِيى نِسَاءَهُم انَّهُ كَانَ مِنَ المُفْسِدِينَ). (القصص / ٤)
كان فرعون يعتبر كل أرض مصر ملكاً شخصياً له وكل ما فيها من أنهار ومياه هي له