٢ ـ (مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ اسْرَى حَتّى يُثْخِنَ فِى الارْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). (الأنفال / ٦٧)
٣ ـ (يَا ايُّهَا النَّبِىُّ قُلْ لِّمَنْ فِى ايْدِيكُمْ مّنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِى قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمّا اخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُم وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). (الأنفال / ٧٠)
* * *
جمع الآيات وتفسيرها
تخاطب الآية الأولى المسلمين وتذكِّرهم باستعمال الشدّة والحزم في الحرب ، فتقول أوّلاً : (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ).
وواضح أنّ كلمة «لقيتُم» هنا مأخوذة من «اللقاء» بمعنى الحرب لا كلّ لقاء ، وخير دليل على ذلك هو ذيل الآية حيث تتحدث عن أسرى الحرب.
وبعد التأمل فيما مرَّ من أنّ الحرب في الإسلام كانت دائماً دفاعية ومفروضة على المسلمين ، تتضح منطقية الأمر أعلاه وذلك لأنّ المسلمين إذا لم يظهروا الشدّة والحزم قبال هجوم الأعداء ، فإنّ الفشل سيكون حليفهم لا محالة ، فكل إنسانٍ يواجه عدواً سفاكاً للدماء ، إذا لَم يوجه الضربات المهلكة له ، فإنّ ذلك يعني الهزيمة أمامه.
ثُمّ تضيف الآية : (حَتَّى إِذَا اثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ).
وأكثر المفسرين قالوا : إنّ هذه الجملة تعني التّشديد على العدو والإكثار من قتلهم ، ولكن وبعد الإلتفات إلى أنّ هذه الجملة مأخوذة من مادة «ثخن» بمعنى «الغلظة» والصّلابة فإنّه يمكن حينئذٍ تفسيرها بالنّصر والغلبة التّامّة على العدو والسّيطرة الكاملة عليه ، أي ينبغي أن يستمروا بالقتال بقوّة واقتدار حتّى يغلبوا العدو (وعليه فليس الهدف هو إراقة الدّماء وإنّما الهدف هو الغلبة على العدو).
وعلى أيّة حال ، فإنّ الآية الاولى ناظرة إلى أمرٍ عسكري مهم وهو وجوب متابعة الحرب وعدم إيقافها مالم يتمّ التّغلب على العدو وكسره وأخذ الأسرى ، لأنّ إيقاف الحرب يكون