الحكومة الإسلامية والأجهزة الأمنية
تمهيد :
لا شك في أنّ التجسس على أحوال النّاس الخاصة والبحث عن أسرارهم عملٌ مذموم وقبيح ، فإنّ الله «ستّار العيوب» ، وينبغي على عباده أن يكونوا كذلك أيضاً ، إلّابالنسبة للذين يهتكون السّتر ويتركون الحياء جانباً ويتظاهرون بارتكاب الذّنوب ، فإنّه لا حرمة لهم ، لإنّهم هم الذين هتكوا حرمهم.
والقرآن الكريم يحذِّر بصراحة من التّجسس ، كما ورد في سورة الحجرات ، حيث يقول تعالى :
(يَا ايُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَّعْضُكُمْ بَعْضًا). (الحجرات / ١٢)
فهنا إشارة إلى ثلاثة ذنوب كبيرة «سوء الظن» ، «التجسس» و «الغيبة» وكل واحدٍ من هذه الثّلاثة في الواقع مقدّمة للآخر ، فإنّ إساءة الظّن بالأشخاص مقدّمة للتّجسس عليهم ، والتجسس سبب في الإطلاع على العيوب والأخطاء ، فتكون الغيبة ، التي تعتبر من أكبر الذّنوب ، وأساس العداوات والاختلاف وفقدان الثقة.
و «كرامة الإنسان» في الحقيقة ، أهم شيء في كيانه من وجهة نظر الإسلام ، حتّى أنّها أهم من حاله وحياته أيضاً ، وقد ورد في حديث عن النّبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله :
«إنّ الدِّرْهَمَ يُصيبُهُ الرَّجُل من الرِّبا أعْظَمُ فِي الخطيئة من سِتٍّ وثلاثين زَنيَةً يزنيها الرَجُلُ ، وأربى الرّبا عِرضُ الرّجل المُسْلِم» (١).
__________________
(١) المحجّة البيضاء ، ج ٥ ، ص ٢٥٣.