دراسة ونقد لأنواع الحكومات
لا يخفى على أي شخص ما تستبطنه الحكومات المستبدة والدكتاتورية في ثناياها من مفاسد ، وما أصاب المجتمعات من ويلات ومصائب مدمرة على مر التّاريخ ، من قتل الأبرياء وتعذيبهم ، والحروب المدمّرة والاستيلاء على الأموال ، واستعباد المحرومين والضعفاء ، وانتشار التعصّب والتمييز العنصري والظلّم ، وصرف أموال المجتمع على التّرف والبذخ ، كلّ ذلك من آثار تسلط الحكومات المستبدة ، وقد ذكر القرآن الكريم وصفاً حقّاً لذلك حيث قال : (انَّ المُلُوكَ اذَا دَخَلُوا قَريَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا اعِزَّةَ أَهلِها اذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفعَلُونَ). (النمل / ٣٤)
ولا فرق بين أن يكون الاستبداد فردياً أو جماعياً ، بل إنّ آثار الاستبداد الجماعي أكثر سوءاً من الاستبداد الفردي ، وأوضح مثال على هذا النوع من الاستبداد هو الحزب الشيوعي في روسية والذي كان السبب في جرّ أنواع المصائب والفجائع التي لا ميثل لها في التاريخ.
إنَّ الحكومات المستبدة والتي تتظاهر بزيّ الحكومات الشعبية والديمقراطية لا تقلّ سوءاً عن الحكومات المستبدة المطلقة ، بل إنّها أسوء بكثير من جهات شتى ، ذلك لأنّ الشعب حسّاسٌ دائماً تجاه استبداد الدكتاتوريين ويتحين الفرص للانتفاض ضدهم والتخلّص منهم ، أمّا في حالة الحكومة المستبدة المتلبسة بلباس الديمقراطية ـ كما هو الحال في كثير من الحكومات الغربية التي تستلم السلطة بصرف مبالغ طائلة على الاعلام والصحف بالإستعانه بالرأسماليين ـ فلا تبيّن شيئاً يمكّن الناس من معارضتهم والثورة ضدهم في الفرصة المناسبة.