ولكن ، قد تقتضي الضرورات أحياناً ، أن ترتكب الحكومة الإسلاميّة مثل هذا الفعل في بعض الموارد ، وهو مورد احتمال وجود مؤامرة ضد الإسلام والمسلمين ، واحتمال وجود خطر على الأنفس والأموال المحترمة ، ففي مثل هذه الموارد لا مفرَّ من استراق السمع والتفتيش في الأعمال ، بالضّبط كما يتمّ ذلك في التّفتيش عن المواد المخدرّة وأمثال ذلك في الطرق العامة ووسائل النّقل أو تفتيش الأشخاص في مداخل المدن!
والواقع أنّ هذه المسألة فرع من فروع مسألة تزاحم الواجبات أو تزاحم الواجب والحرام ، ولابدّ من مراعاة «المرجحات» ومسألة «الأهم والمهم».
وبتعبير أوضح ، التّجسس على أفعال المسلمين حرام ولكن حفظ نفوس أفراد المجتمع ، ونظام الدّولة الإسلاميّة ، وإحباط مؤامرات الأعداء ، أهم من ذلك ، وعليه ففي كلّ مورد يخاف فيه من تعرّض مثل هذه الأمور للخطر ، يجوز استراق السّمع للحدِّ من وقوع تلك المخاطر.
* * *
٥ ـ التعذيب الجسدي لأخذ الإعترافات!
لاشكَّ في أنّ إيذاء أي إنسان بلا مبرر غير جائز ، وقلنا في الأبحاث السابقة أيضاً : إنّه لا يجوز تعذيب أحدٍ لأخذ الإعترافات منه ، وأنّ كل إقرار مأخوذ بهذا الأسلوب غير معتبر شرعاً وليس له أيّة قيمة قانونية.
ففي حديث عن أمير المؤمنين الإمام عليّ عليهالسلام قال : «مَنْ أقرَّ عِنْدَ تجريدٍ أو تخويف أو حَبسٍ أو تهديد فلا حدَّ عَلَيْه» (١).
ولكن إذا كان المتهم قد ارتكب جرماً بيّناً غير ذلك الجرم الذي لم يثبت عليه ، جاز تعزيره لأجله ، كما لو ألقي القبض على سارق في أثناء اقتحامه منزل أحد الناس ولم تثبت سرقته ، فلو عزّر لاقتحامه المنزل واعترف أثناء التّعزير بالسّرقة ظناً منه أنّ هذا التّعزير
__________________
(١) وسائل الشّيعة ، ج ١٨ ، ح ٢ ، الباب السابع من أبواب حدِّ السرقة.