فلا شك في أنّ هذا التهديد كان مؤذياً للغلام الواقعي ولكن هذا المقدار جائز للكشف عن واقع حقٍّ مهم ففي موارد التجسس يكون الأمر كذلك ، بل هو أعلى وأولى.
وبتعبير آخر ، فإنّ قانون «الأهم والمهم» و «تزاحم الواجبات والمحرمات» يُجيز مثل هذا التعذيب في مثل هذه الموارد.
ولكن ، ينبغي أن لا يُستغل هذا القانون بهذه الذّريعة ويُعذَّب المتهمّون تعذيباً شديداً لا يطاق أو يطبق هذا القانون والإستثناء لأدنى سوءِ ظنٍ بالأشخاص.
وينبغي أن لا ننسى أنّ هذا مجرد استثناء ، ولا يجوز الاستفادة من مثل هذه الأساليب إلّا في موارد الضّرورة مع رعاية الحقوق الإنسانيّة كمّاً وكيفاً.
* * *
ومن هنا تتضح لنا مسألة أخرى وهي أنّ بعض المأمورين لجمع المعلومات والأسرار يضطرون ـ ولكسب الأخبار الحسّاسة والمصيرية ـ أن يتزيّوا بزي الأعداء ويتقمصوا شخصيات أفراد العدو في الملبس والمأكل كي يتمكنوا من اختراق العدو ، وفي مثل هذه الحالات قد يضطرون إلى ارتكاب بعض الذّنوب كأكل الحرام أو الحديث ضدّ الإسلام والمقدّسات الإسلاميّة لتحقيق أغراضهم ، فالحكم هنا مشمول لقاعدة «تزاحم الواجب والحرام» و «الأهم والمهم» ، فمتى ما كان الهدف أعلى وأهم من الذّنب ، كان ارتكاب ذلك الذّنب جائزاً ، لتحقيق الهدف.
* * *
سؤال : هل الغاية تبرر الوسيلة؟
قد يقال ، إنّ ما ذكرنا من استثناءات أليس تعبيراً آخر عن ما هو معروف عند بعض زعماء المدارس الإلحادية المادية من أنّ : «الغايات تبرر الوسائل»؟
والجواب :
وفي الإجابة عن هذا السّؤال ، لابدّ من الإلتفات إلى نكتة واحدة وهي أن هؤلاء الذين يقولون بهذه المقالة لم يحددوا قيداً ولا شرطاً لها ، أي إنّهم يقولون : للوصول إلى الأهداف