فارغة من المحتوى تماماً في الشرق الإسلامي.
ونختتم هذا الكلام بحديث جامع ولطيف عن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام :
حينما جاء «أبو الدرداء» و «أبو هريرة» برسالة معاوية إلى علي عليهالسلام وكان قد طلب فيها تسليم قتلة عثمان إليه ليحاكمهم ، قال الإمام علي عليهالسلام : «لقد أبلغتماني ما قاله معاوية ، والآن اسمعا كلامي وأبلغاه عنّي ، إنّ عثمان بن عفان لا يعدو أن يكون أحد رجلين : إمّا إمام هدىً حرام الدّم وواجب النّصرة لا تحلّ معصيته ولا يسع الامّة خذلانه ، أو إمام ضلالة حلال الدّم ، لا تحلّ ولايته ولا نصرته ، فلا يخلوا من احدى الخصلتين».
والواجب في حكم الله وحكم الإسلام على المسلمين بعد ما يموت إمامهم أو يقتلُ ، ضالّاً كان أو مهتدياً ، ومظلوماً كان أو ظالماً ، حلال الدّم أو حرام الدّم ، أن لا يعملوا عملاً ولا يحدثوا حدثاً ولا يقدّموا يداً ولا رجلاً ولا يبدأوا بشيٍ قبل أن يختاروا لأنفسهم إماماً عفيفاً عالماً ورعاً بالقضاء والسنّة ، يجمع أمرهم ويحكم بينهم ويأخذ للمظلوم من الظّالم حقّه ويحفظ أطرافهم ويجبي فيئهم ويقيم حجتهم ويجبي صدقاتهم ، ثم يحتكمون إليه في إمامهم المقتول ظلماً ليحكم بينهم بالحقّ ، فإن كان إمامهم قتل مظلوماً حكم لأوليائه بدمه ، وإن كان قتل ظالماً نظر كيف الحكم في ذلك» (١).
وعلى هذا الأساس وجب عليك يا معاوية وقبل التطرق لقضية قتل عثمان الرضوخ للحكومة الإسلامية وتبايع من بايعه كل الناس ولا تتأخر ولو لحظة بالتوسل بهذه الحجج والذرائع.
فريقان لا يروق لهما تشكيل الحكومة الإسلامية :
مع كل ما تقدم ـ وطبقاً للأدلة اليقينية أنّ ـ «الإسلام بدون حكومة» إسلام ممسوخ وفارغ من المحتوى ، وفي الواقع «فهو إسلام بدون الإسلام» ، فمع كل ذلك لا زال هناك فريق يصرّ ويخالف مسألة تشكيل الحكومة الإسلامية ، وعلّة هذه المخالفة ـ في الواقع ـ أمران
__________________
(١) كتاب سليم بن قيس ، ص ١٨٢.