نقد وتحليل :
حول هذه الروايات نلفت نظركم إلى عدّة نقاط لابدّ منها :
١ ـ توجد لدينا في الشريعة الإسلامية مجموعة اصول بديهية لا يجوز تخطيها ، من جملتها «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» الذي لا سبيل للشك بوجوبه أبداً ومن حيث بداهته وكونه من الاصول المسلَّم بها ، وما أكثر الآيات والروايات التي أكدت عليه.
لنفرض أننا نعيش في محيط قد ضاعت فيه الأحكام الإلهيّة ، وعمّ التجاهر بالمنكرات ، واودع المعروف في زاوية النسيان ، وأحاط الظلم والفساد في كل مكان ، وكان باستطاعتنا تغيير الوضع الفاسد بثورة قوية ضد النظام الحاكم ونشر المعروف بدل كل تلك المنكرات على نطاق واسع ، فهل يدّعي أحد حُرمة هذا العمل في مثل هذه الظروف ، وأنّه ينبغي التفرج على هذه الأوضاع الفاسدة التي تصادر فيها الأحكام الإلهيّة ، ويخرج بواسطتها الشباب المسلم عن الدين؟!
قد يدّعي المتذرعون عدم حدوث مثل هذا الأمر ، لنفترض أنّه يمكن حدوثه ، إذ ليس هذا الفرض محالاً عقلياً ، فهل يقولون ثانية بضرورة الامتناع عن كل تحرك والتسليم أمام الإنتشار السريع للفساد والظلم ومصادرة الأحكام الإسلامية؟!
لا أظن أنّ عالماً ومحققاً يتفوه بمثل هذا الكلام!
من الشواهد على هذا الكلام محمد بن عبدالله من أحفاد الإمام المجتبى عليهالسلام المعروف بـ «النفس الزكية» ، حيث نقرأ عنه : «حينما بايعه عدد من الوجهاء باعتباره المهدي عليهالسلام ، وبلغ الإمام الصادق عليهالسلام ذلك الخبر بل وحتى طلبوا منه عليهالسلام أن يبايعه! قال عليهالسلام : دعوا هذا الأمر ، فإنّه لم يحن الوقت بعد (وسيكون ظهور المهدي في المستقبل) ، فلو أنّك (عبدالله أبو محمد) تعتبر ابنك هو المهدي الموعود ، وأنّه ليس بالمهدي ، ولم يحن وقت ذلك بعد ، ولو أردت اجباره على الخروج في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فوالله لن ندعه لوحده ، وسنبايعه!».