ونهج البلاغة احتوت على تعابير كثيرة توضّح من خلالها أنّ أعداءهم قد غصبوا حقهم عليهمالسلام ، وهذا الحقّ ليس إلّا (حكومة العدل الإسلامية).
كل هذه الأدلة وتلك الشواهد التي لا تُحصى برهانٌ آخر على أنَّ مسألة (الإمامة) لا تنفصل عن (الخلافة) و (الحكومة).
ونرى في رواية (هارون الرشيد) الذي أراد بزعمه أن يُرجعَ «فدكاً» إلى الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام ملاحظة جديرة بالاهتمام لتوضيح المقصود :
إنّ «فدكاً» ـ وكما هو معلوم ـ ضيعة قريبة من (خيبر) وكانت خضراء يانعة ، وقد وهبها الرسول صلىاللهعليهوآله إلى ابنته الزهراء عليهاالسلام في حياته ، وقد اغتصبت منها بعد وفاته مباشرة ، فكانت دائماً موضع اعتراض المحبين لأهل البيت عليهمالسلام فلذلك وبعد ضغط الرأي العام ، فكّر الرشيد بارجاعها إلى أولاد فاطمة عليهاالسلام فقال للإمام موسى بن جعفر عليهالسلام : «حدَّ فدكاً حتّى أردَّها إليك» وألحَّ عليهَ كثيراً ، فقال الإمام موسى الكاظم عليهالسلام : «لا آخذها إلّابحدودها».
قال هارون : وما حدودها؟
قال الإمام عليهالسلام : «إنْ حددتها لم تردّها».
قال هارون : بحقّ جدّك إلّافعلتَ.
قال الإمام عليهالسلام : «أمّا حَدُها الأوّل فعدن» ، فتغيّر وجه الرّشيد. وقال : أيهاً.
قال الإمام عليهالسلام : «والحدُّ الثّاني سمرقند». فأربد وجهه.
قال الإمام عليهالسلام : «والحدُّ الثالث أفريقية»، فاسودّ وجهه.
وقال هارون : هيه.
قال الإمام عليهالسلام : «والرابع ساحل بحر الخزر وأرمينية».
قال الرّشيد : فلم يبقَ لنا شيء ، فتحوّل إلى مجلسي.
قال الإمام عليهالسلام : «قد أعلمتك أننّي إن حددتها لم تردّها فعند ذلك عزم على قتلي» (١).
هذا الحديث يدلّ على أنّ بين مسألة (فدك) و (الخلافة) رابطة قوية وتعني أن ما غُصِبَ
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٤٨ ، ص ١٤٤ (نقلاً عن كتاب أخبار الخلفاء).