ومن اللازم أن نذكر الملاحظة التالية أيضاً ، وهي أنّ مسألة الشورى والمشاورة ، قبل أن يقرّها الدين الإسلامي كانت متداولة بين سائر العقلاء في العالم أيضاً ، وقد أقرها الدين الإسلامي ـ مع إضافة بعض الشروط المهمّة إليها ـ حيث إنّ الأمر بين سائر العقلاء في العالم يستند إلى أنّ المعيار هو رأي الأكثرية ، هذا فيما يتعلق برأي الأكثرية.
وأمّا اللوائح المعمول بها في المجالس التشريعية لُاسلوب إدارة تلك المجالس وكيفية أخذ الآراء ، فهي موضوعة أيضاً على أساس تصويت ذلك المجلس وعن طريق تلك الشورى.
وبناءً على ذلك فإنّ مجالس التشريع الإسلامية ، بجميع التشريفات المتّبعة في أمر الانتخابات ، والمنتخبين ، وإدارة الجلسات ، وكيفية مناقشة المسائل ، وتقسيمها إلى مسائل فوريةوغير فورية ، وأمثال ذلك ، فإنّها تمثل نفس «الشكل المنظّم لقاعدة الشورى» التي ينظر إليها الإسلام باعتبارها إحدى الثوابت الأساسية ، إذ يمكن مطابقة جميع تلك الممارسات مع هذه القاعدة.
ومن البديهي أنّه متى ما انحرف أحد المجالس عن نظرية الشورى الإسلامية من حيث مواصفات المشاورين أو الامور الاخرى ، ويُصار إلى انتخاب أفرادٍ غير واعين أو غير ملتزمين ، أو يتحول المحيط الحر لابداء الرأي إلى جوّ من الضغوط ، أو يتمّ اقرار شيء ما خلافاً للقوانين الإسلامية والضوابط الدينية المسلّم بها ، فإنّ هذا المجلس سوف لن يكون مجلساً اسلامياً للشورى ولن ندافع عنه اطلاقاً.
المسؤولية الرئيسية لمجلس التشريع الإسلامي :
إنّ تعبير «السلطة المقننة» أو «المجلس التشريعي» ـ المقتبس من الأجانب ـ يؤدّي أحياناً إلى أن يتداعى إلى الذهن بأنّ المراد به قيام ممثّلي الشعب في هذا المجلس بوضع القوانين ، أي قيامهم بتشريع الحلال والحرام ، في حين أنّ الأمر ليس كذلك ، إذ كما أشرنا إلى ذلك في بحوثنا السابقة أنّ العمل الرئيسي للممثلين في هكذا مجلس هو تطبيق الأحكام