(وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ) أمر لمن عليه الحق بالاملال ، وهو والاملاء بمعنى تقول أمليت عليه والا ملال المراد به الندب ، لأنه لو أملى غيره واشهد هو كان جائز بلا خلاف.
وقوله (فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً) قال مجاهد : السفيه الجاهل. وقال السدي : الصغير. وأصل السفه الخفة ، فالسفيه الجاهل لأنه خفيف العقل بنقصه.
وقوله «أو ضعيفا» قال مجاهد والشعبي : هو الأحمق. وقال الطبري : هو العاجز عن الاملاء بالعي أو بالخرس.
وقوله (فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) (١).
وقوله (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) يحتمل وجهين :
أحدهما : قال الربيع والسدي والضحاك وأكثر المفسرين : انه من الذكر الذي هو ضد النسيان. وقال سفيان بن عيينة : هو من الذكر ، ومعناه أن يجعلها كذكر من الرجال ، ومعنى (أَنْ تَضِلَّ) لان تضل ، أو من أجل أن تضل.
فان قيل : لم قال (أَنْ تَضِلَّ) وانما الاشهاد للاذكار لا للضلال؟
قيل : عنه جوابان : أحدهما قال سيبويه : انه لما كان الضلال سبب الاذكار قدم لذلك وجاز ، لتعلق كل واحد منهما بالآخر في حكم واحد ، فصار بمنزلة ما وقع الاشهاد للمرأتين من أجل الضلال ، كما وقع من أجل الاذكار ، وكثيرا في السبب والمسبب أن يحمل كل واحد منهما على الاخر. ومثله أعددت الخشبة أن تميل الحائط فأدعمه ، وانما أعددته في الحقيقة للدعم ، ولكن حمل عليه الميل لأنه سببه.
الثاني : قال الفراء : انه بمعنى الجزاء على أن تذكر إحداهما الاخرى ان ضلت ، الا أنه لما قدمت (أَنْ) اتصلت لما قبلها من العامل فانفتحت.
__________________
(١). كذا في النسخ.