فان قيل : فلم قال : (فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) فكرر لفظ إحداهما ، ولو قال فتذكرها الاخرى لقام مقامه مع الاختصار.
قيل : قال الحسين بن علي المغربي : أن تضل إحداهما يعني احدى الشهادتين أي : تضيع بالنسيان ، فتذكر احدى المرأتين الاخرى ليلائم لفظ إحداهما.
ومعنى قوله (صَغِيراً أَوْ كَبِيراً) معناه : ما هو في العادة صغير جرت العادة بكتب مثله ، ولا يريد بذلك ما قدره حبة أو قيراط ، لان ذلك لم تجر العادة بكتب مثله والاشهاد عليه.
وليس في الاية ما تدل على أنه لا يجوز الحكم بالشاهد واليمين ، لان الحكم بالشاهد والمرأتين أو بالشاهدين لا يمنع من قيام دلالة على وجوب الحكم بالشاهد مع اليمين ، ولا يكون ذلك نسخا لذلك ، لأنه ليس بمناف للمذكور في الاية ، والحكم بالشاهد والمرأتين يختص بما يكون مالا أو المقصد به المال.
فأما الحدود التي هي حق الله وحقوق الآدميين وما يوجب القصاص ، فلا يحكم فيها بشهادة رجل وامرأتين ، وكذلك عندنا في الشاهد واليمين حكم الشاهد والمرأتين سواء.
فصل : قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) الاية : ٢٨٣.
من شرط صحة الرهن أن يكون مقبوضا ، لقوله (فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) فان لم يقبض لم ينعقد الرهن. وقوله عليهالسلام «لا يغلق الرهن» معناه أن يقول الراهن ان جئتك بفكاكه الى شهر ، والا فهو لك بالدين ، وهذا باطل بلا خلاف.
فصل : قوله (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) الاية : ٢٨٦.
انما جاز الرغبة اليه تعالى في ذلك وان علمنا أنه لا يؤاخذ بذلك ، ولم يجز أن يقول : «لا تجر علينا» لامرين :