ثم استوى بشر على العراق |
|
من غير سيف ودم مهراق |
وأحد الوجهين لا يجوز عليه تعالى لقوله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (١) وقوله (لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) والاخر يجوز عليه ، فهذا من المحكم الذي يرد اليه المتشابه.
ومن ذلك قوله (كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) (٢) فرددناه الى المحكم الذي هو قوله (وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٣).
فان قيل : كيف عددتم من جملة المحكم قوله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) مع الاشتباه فيه بدخول الكاف؟
قلنا : انما قلنا انه محكم ، لان مفهومه ليس كمثله شيء على وجه من الوجوه دون أن يكون عند أحد من أهل التأويل ليس مثل مثله شيء ، فدخول الكاف وان اشتبه على بعض الناس لم دخلت ، فلم يشتبه عليه المعنى الاول الذي من أجله كان محكما.
وقد حكينا فيما مضى عن المرتضى رحمهالله علي بن الحسين الموسوي أنه قال : الكاف ليست زائدة ، وانما نفى أن يكون لمثله مثل ، فإذا ثبت ذلك علم أنه لا مثل له ، لأنه لو كان له مثل ، لكان له أمثال ، وكان يكون لمثله مثل ، فإذا لم يكن له مثل دل على أنه لا مثل له ، غير أن هذا تدقيق في المعنى ، فتصير الاية على هذا متشابهة ، لان ذلك معلوم بالادلة.
فصل : قوله (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا) الاية : ٨.
قيل : في معنى (لا تُزِغْ قُلُوبَنا) قولان :
أحدهما : لا تزغ قلوبنا عن الحق بمنع اللطف الذي يستحق معه أن تنسب
__________________
(١). سورة الشورى : ١١.
(٢). سورة النساء : ٧٧.
(٣). سورة آل عمران : ٧٨.