حبوط العمل عندنا هو إيقاعه على خلاف الوجه المأمور به ، فإذا أوقعه كذلك لم يستحق عليه الثواب ، فجاز لذلك أن يقال أحبط عمله ، ومتى أوقعه على الوجه المنهي عنه استحق مع ذلك العقاب ، وليس المراد بذلك بطلان ما يستحق عليه من الحمد والثناء ، ولا بطلان الثواب بما يستحق من العقاب ، لان الثواب إذا ثبت ، فلا يزول على وجه بما يستحق صاحبه من العقاب ، لأنه لا تنافي بين المستحقين ولا تضاد. وأما حبوطها في الدنيا ، فلأنهم لم ينالوا بها مدحا ولا ثناء.
وأصل الحبوط مأخوذ من قولهم «حبطت بطون الماشية» إذا فسدت من مآكل الربيع ، فعلى ما حررناه انما تبطل الطاعة حتى تصير بمنزلة ما لم تفعل إذا وقعت على خلاف الوجه المأمور به.
وعند المعتزلة ومن خالفنا في ذلك أن أحدهما يبطل صاحبه إذا كان ما يستحق عليه من الثواب والعقاب أكثر مما يستحق على الاخر ، فانه يبطل الأقل على خلاف بينهم في أنه يتحبط على طريق الموازنة أو غير الموازنة.
فصل : قوله (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) الاية : ٢٥.
فان قيل : كيف قال (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) وما كسبت لا نهاية له لأنه دائم ، وما لا نهاية له لا يصح فعله؟
قلناه : معناه أنه توفى كل نفس ما كسبت حالا بعد حال ، فاما أن يفعل جميع المستحق فمحال ، لكن لا ينتهي الى حد ينقطع ولا يفعل فيما بعده.
فصل : قوله (اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ) الاية : ٢٦.
قيل : في زيادة الميم في «اللهم» قولان :
أحدهما : قال الخليل : انها عوض من ياء التي هي أداة للنداء ، بدلالة أنه لا يجوز أن تقول غفر يا اللهم لي ، ولا يجوز ايضا مع باقي الكلام.
والثاني : ما قاله الفراء : انها الميم في قولك يا الله أمنا بخير ، فألقيت الهمزة