قيل : في معناه ستة أقوال : قال ابن عباس : أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها بحاله (١) الناطقة عنه الدالة عند أخذ الميثاق عليهم.
الثاني : أن معناه أسلم أي بالإقرار بالعبودية ، وان كان منهم من أشرك في العبادة ، كقوله (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) (٢).
والثالث : أسلم المؤمن طوعا والكافر كرها عند موته ، كما قال (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) (٣) واختاره البلخي.
فصل : قوله (قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) الاية : ٨٤.
قيل : في تأويل هذه الاية قولان : أحدهما ـ أن معناه الإنكار على الكفار ما ذهبوا اليه من الايمان ببعض النبيين دون بعض ، فأمر الله تعالى النبي عليهالسلام والمؤمنين أن يقولوا : انا نؤمن بجميع النبيين ولا نفرق بين أحد منهم ، وقال «قل» في أول الاية خطابا للنبي عليهالسلام ، فجرى الكلام على التوحيد وما بعده على الجمع.
وقيل : في ذلك قولان : أحدهما ـ أن المتكلم قد يخبر عن نفسه بلفظ الجمع للتفخيم ، كما قال تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ) (٤).
والثاني : أنه أراد دخول الامة في الخطاب الاول والامر بالإقرار ، ويجوز أن يقال في الواحد المتكلم فعلنا ، ولا يجوز للواحد المخاطب فعلتم.
والفرق بينهما أن الكلام بالجملة الواحدة يصح لجماعة مخاطبين ، ولا يصح الكلام بالجملة الواحدة لجماعة متكلمين ، ولذلك جاز فعلنا في الواحد للتفخيم ،
__________________
(١). في التبيان : بالحالة.
(٢). سورة الزخرف : ٨٧.
(٣). سورة غافر : ٨٥.
(٤). سورة الاعراف : ١٠.