لأنه لا يصح أن يتكلم به الا الواحد ، ولم يجز فعلتم في الواحد للتفخيم ، لأنه يصح أن يكون خطابا للجماعة ، فلم يصرف عنهم بغير قرينة لما يدخله من الإلباس في مفهوم العبارة.
فصل : قوله (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الاية : ٨٦.
الهداية هاهنا تحتمل ثلاثة أشياء :
أولها : سلوك طريق أهل الحق المهتدين بهم في المدح لهم والثناء عليهم.
الثاني : في اللفظ الذي يصلح به من حسنت نيته وكان الحق معتمده ، وهو أن يحكم لهم بالهداية.
فان قيل : كيف أطلق قوله (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) مع قوله (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ)؟
قلنا : لأنه لا يستحق اطلاق الصفة بالهداية الا على جهة المدحة ، كقوله (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ) فاما بالتقييد فيجوز لكل مدلول الى طريق الحق اليقين.
فصل : قوله (أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) الاية : ٨٧.
فان قيل : لمن قال (وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) ومن وافق الكافر في مذهبه لا يرى لعنه.
قيل : عن ذلك ثلاثة أجوبة :
أحدها : أن له أن يلعنه ، وانما لا يفعله لجهله بأنه يستحق اللعن ويصح منه معرفة الله ومعرفة استحقاق اللعن لكل كافر ، فحينئذ يعلم أن له أن يلعنه.
الثاني : أن ذلك في الاخرة ، لان بعضهم يلعن بعضا ، وقد استقرت عليهم لعنة الجميع وان كانت على التفرق.
والثالث : أن يحمل لفظ «الناس» على الخصوص ، فيحمل على ثلاثة فصاعدا ،