قيل : في دخول الواو في قوله (وَلَوِ افْتَدى بِهِ) قولان :
قال قوم : هي زائدة أجاز ذلك الفراء ، والمعنى لو افتدى به. قال الزجاج وهذا غلط ، لان الكلام يجب حمله على فائدة إذا أمكن ولا يحمل على الزيادة.
والثاني : أنها دخلت لتفصيل نفي القبول بعد الإجمال ، وذلك أن قوله (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً) قد عم وجوه القبول بالنفي ، ثم أتى بالتفصيل لئلا يتطرق عليه سوء التأويل ، ولو قيل بغير واو لم يكن قد عم النفي وجوه القبول ، فقد دخلت الواو لهذه الفائدة من نفي التفصيل بعد الجملة.
فصل : قوله (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) الاية : ٩٣.
سبب نزول هذه الاية أن اليهود أنكروا تحليل النبي عليهالسلام لحوم الإبل ، فبين الله تعالى أنها كانت محللة لإبراهيم وولده الى أن حرمها إسرائيل على نفسه وحاجهم بالتوراة ، فلم يجسروا على إحضار التوراة ، لعلمهم بصدق النبي عليهالسلام فيما أخبر أنه فيها.
وكان إسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق بن ابراهيم نذر ان برأ من النساء أن يحرم أحب الطعام والشراب اليه ، وهو لحوم الإبل وألبانها ، فلما برأ وفى لله بنذره.
فان قيل : كيف يجوز للإنسان أن يحرم على نفسه شيئا وهو لا يعلم ما له فيه من المصلحة مما له فيه المفسدة؟
قلنا : يجوز ذلك إذا أذن الله له في ذلك وأعلمه ، وكان الله أذن لاسرائيل في هذا النذر فلذلك نذر.
وفي الناس من استدل بهذه الاية على أنه يجوز للنبي أن يجتهد في الأحكام لأنه إذا كان أعلم ورأيه أفضل كان اجتهاده أحق.