وهو الصحيح على ما بيناه.
واختلفوا فقال جماعة : ان طريق وجوب انكار المنكر العقل ، لأنه كما تجب كراهته وجب المنع منه إذا لم يمكن قيام الدلالة على الكراهية ، والا كان تاركه بمنزلة الراضي به.
وقال آخرون وهو الصحيح عندنا : ان طريق وجوبه السمع ، وأجمعت الامة على ذلك ، ويكفي المكلف الدلالة على كراهته من جهة الخير وما جرى مجراه ، وقد استوفينا ما يتعلق بذلك في شرح جمل العلم.
فان قيل : هل يجب في انكار المنكر حمل السلاح؟
قلنا : نعم إذا احتيج اليه بحسب الإمكان ، لان الله تعالى قد أمر به ، فإذا لم ينجع فيه الوعظ والتخويف ولا التناول باليد وجب حمل السلاح ، لان الفريضة لا تسقط مع الإمكان الا بزوال المنكر الذي يلزم به الجهاد ، الا أنه لا يجوز أن يقصد القتال الا وغرضه انكار المنكر.
وأكثر أصحابنا على أن هذا النوع من انكار المنكر لا يجوز الاقدام عليه الا بإذن سلطان الوقت ، ومن خالفنا جوز ذلك من غير الاذن مثل الدفاع عن النفس سواء.
فصل : قوله (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) الاية : ١٠٩.
قوله (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) لا يدل على أن الأمور كانت ذاهبة عنه لامرين :
أحدهما : لأنها بمنزلة الذاهبة بهلاكها وفنائها ثم إعادتها ، لأنه تعالى يعيدها للجزاء على الاعمال والعوض على الآلام.
والثاني : لأنه قد ملك العباد كثيرا من التدبير في الدنيا ، فيزول جميع ذلك في الاخرة ويرجع اليه كله.
فصل : قوله (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) الاية : ١١٠.