فان قيل : إذا كانت الجنة عرضها السماوات والأرض ، فأين يكون النار؟.
الجواب أنه روي عن النبي عليهالسلام أنه لما سئل عن ذلك ، فقال سبحان الله إذا جاء النهار فأين الليل. وهذه معارضة فيها إسقاط المسألة ، لان القادر على أن يذهب بالليل حيث يشاء قادر على أن يذهب بالنهار حيث يشاء ، وروي أنه سئل عن ذلك ابن عباس وغيره من الصحابة.
فان قيل : فان الجنة في السماء كيف يكون لها هذا العرض؟.
قيل له : يزاد فيها يوم القيامة ، ذكره أبو بكر أحمد بن علي ، على تسليم أنها في السماء ، ويجوز أن يكون الجنة مخلوقة في غير السماء (١) والأرض ، وفي الناس من قال : ان الجنة والنار ما خلقتا بعد ، وانما يخلقهما الله على ما وصفه.
فصل : قوله (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ) الاية : ١٣٤.
قيل : في معنى السراء والضراء قولان :
أحدهما : قال ابن عباس في اليسر والعسر ، فكأنه قال في السراء بكثرة المال والضراء بقلته.
الثاني : في حال السرور وحال الاغتمام ، اي : لا يقطعهم شيء من ذلك عن إنفاقه في وجوه البر ، فيدخل فيه العسر واليسر ، وانما خصا بالذكر في التأويل الاول ، لان السرور بالمال يدعو الى الفتن به ، كما يدعو ضيقه الى التمسك به خوف الفقر لانفاقه.
وقوله (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ) أي : المتجر عين له ، فلا ينتقمون ممن يدخل عليهم الضرر ، بل يصبرون على ذلك ويتجرعونه.
وأصل الكظم شد رأس القربة عن مائها. والفرق بين الغيظ والغضب أن الغضب ضد الرضا ، وهو ارادة العقاب المستحق بالمعاصي ولعنه ، وليس كذلك الغيظ
__________________
(١). في التبيان : السماوات.