أن يذكر الفريقان في الجملة.
وقال الجبائي : قوله (وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ) خاص بمن لم يعص بانصرافه ، والاولى أن يكون عاما في جميعهم لأنه لا يمتنع أن يكون الله عفى عنهم (١) عن هذه المعصية.
وقال البلخي : معناه ولقد عفى عنكم بتبعهم بعد أن كان أمرهم بالتتبع لهم ، فلما بلغوا حمراء الأسد أعفاهم من ذلك ، ولا يجوز أن يكون صرفهم فعل الله تعالى ، لأنه قبيح والله تعالى لا يفعل القبيح.
فصل : قوله (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ) الاية : ١٥٣.
قيل : الإصعاد من مستوي الأرض ، والصعود في ارتفاع ، يقال : أصعدنا من مكة إذا ابتدأنا السفر منها ، وكذلك أصعدنا من الكوفة الى خراسان.
قوله (فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ) قيل : في معناه قولان :
أحدهما : أنه انما قيل في الغم ثواب ، لان أصله ما يرجع من الجزاء على الفعل ، طاعة كان أو معصية ، ثم كثر في جزاء الطاعة ، فعلى هذا يكون الغم عقوبة لهم على فعلهم وهزيمتهم.
والثاني : أن يكون وضع الشيء مكان غيره كما قال (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٢) أي : ضعه موضع البشارة.
فصل : قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا) الاية : ١٥٦.
يقع الماضي موضع المستقبل ، نحو (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) (٣) معناه يكفرون ويصدون ، ومثله (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ) (٤) معناه : الا من يتوب
__________________
(١). في التبيان : لهم.
(٢). سورة الأنبياء : ٣.
(٣). سورة الحج : ٢٥.
(٤). سورة مريم : ٦٠.