فصل : قوله (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) الاية : ١٧٩.
قوله (وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ) سببه أن قوما قالوا : هلا جعلنا الله أنبياء؟ فأخبر الله تعالى أنه يجتبي من رسله من يشاء ، و «من» في الاية لتبيين الصفة لا للتبعيض ، لان الأنبياء كلهم مجتبون.
والبخل هو منع الواجب ، لأنه تعالى ذم به وتوعد عليه ، وأصله في اللغة مشقة الإعطاء ، فإنما يمنع الواجب لمشقة الإعطاء.
فصل : قوله (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ) الاية : ١٨١.
في الاية دلالة على أن الرضا بقبيح الفعل يجري مجراه في عظم الجرم ، لان اليهود الذين وصفوا بقتل الأنبياء لم يتولوا ذلك في الحقيقة ، وانما ذموا به لأنهم بمنزلة من تولاه في عظم الإثم.
فصل : قوله (الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ) الاية : ١٨٣.
انما لم ينزل الله ما طلبوه ، لان المعجزات تابعة للمصالح وليست على الاقتراحات والتعنت.
فان قيل : هلا قطع الله عذرهم بالذي سألوا من القربان الذي تأكله النار؟
قيل له : لا يجب ذلك ، لان ذلك اقتراح في الادلة على الله ، والذي يلزم من ذلك أن يزيح علتهم بنصب الادلة على ما دعاهم الى معرفته.
فصل : قوله (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ») الاية : ١٨٦.
معناه : لتختبرن ، أي توقع عليكم المحن وتلحقكم الشدائد في أنفسكم ، وانما فعله ليصبروا ، فسماه بلوى مجازا ، لان حقيقته لا تجوز عليه تعالى ، لأنها التجربة في اللغة ويتعالى الله عن ذلك ، لأنه عالم بالأشياء قبل كونها ، وانما فعله