هذا خطاب لاوصياء اليتامى ، أمرهم الله بأن يعطوا اليتامى أموالهم إذا بلغوا الحلم وأونس منهم الرشد ، وسماهم يتامى بعد البلوغ وإيناس الرشد مجازا ، لان النبي عليهالسلام قال : لا يتم بعد احتلام ، كما قالوا في النبي عليهالسلام : انه يتيم أبي طالب بعد كبره ، يعنون أنه رباه.
وقوله (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ) معناه : لا تستبدلوا ما حرمه الله عليكم من أموال اليتامى بما أحله الله لكم من أموالكم.
واختلفوا في صفة التبديل ، فقال بعضهم : كان أوصياء اليتامى يأخذون الجيد من مال اليتيم والرفيع منه ، ويجعلون مكانه الرديء والخسيس.
فصل : قوله (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) الاية : ٣.
قيل : في تفسير هذه الاية ستة أقوال :
أحدها : قال سعيد بن جبير والسدي وقتادة والربيع والضحاك واحدى الروايات عن ابن عباس قالوا : كانوا يشددون في أمر اليتامى ، ولا يشددون في النساء ، ينكح أحدهم النسوة فلا يعدل بينهن ، فقال الله : كما تخافون الا تعدلوا في اليتامى فخافوا في النساء ، فانكحوا واحدة الى الأربع ، فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة.
ومن استدل بهذه الاية على أن نكاح التسع جائز فقد أخطأ ، لان ذلك خلاف الإجماع ، وأيضا فالمعنى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى ان أمنتم الجور وأما ثلاث ان لم تخافوا ذلك ، أو رباع ان أمنتم ذلك فيهن ، بدلالة قوله (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) لان معناه : فان خفتم في الثنتين فانكحوا واحدة.
ثم قال : فان خفتم أيضا في الواحدة فما ملكت أيمانكم ، على أن مثنى لا يصلح الا لاثنين اثنين ، أو اثنتين اثنتين على التفريق في قول الزجاج.
فتقدير الاية : فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث بدلا من مثنى ورباع بدلا من ثلاث ، ولو قيل ب «أو» لظن أنه ليس لصاحب مثنى ثلاث ، ولا