وقال الحسن وابراهيم ومكحول وعطاء بن أبي رباح : يأخذ ما سد الجوعة ووارى العورة ، ولا قضاء عليه ، ولم يوجبوا أجرة المثل ، لان أجرة المثل ربما كان أكثر من قدر الحاجة. والظاهر في أخبارنا أن له أجرة المثل ، سواء كان قدر كفايته أو لم يكن.
واختلفوا في هل للفقير من ولي اليتيم أن يأكل من ماله هو وعياله؟ فقال عمرو ابن عبيد : ليس له ذلك ، لقوله (فَلْيَأْكُلْ) فخصه بالأكل.
وقال الجبائي : له ذلك ، لان قوله «بالمعروف» يقتضي أن يأكل هو وعياله على ما جرت به العادة في أمثاله ، وقال : ان كان واسعا كان له أن يأخذ قدر كفايته له ولمن يلزمه نفقته من غير إسراف وان كان قليلا ، كان له أجرة المثل أكثر من نفقته بالمعروف ، وعلى ما قلناه من أن له أجرة المثل يسقط هذا الاعتبار.
وقوله (فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ) خطاب لأولياء اليتيم (١) إذا دفعوا أموال اليتامى اليهم أن يحتاطوا لأنفسهم بالإشهاد ، لئلا يقع منهم جحود ويكونوا أبعد من التهمة وليس بواجب. وولى اليتيم المأمور بابتلائه هو الذي جعل اليه القيام من وصي أو حاكم ، أو أمين ينصبه الحاكم.
وأجاز أصحابنا الاستقراض من مال اليتيم إذا كان مليا ، وفيه خلاف.
فصل : قوله (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) الاية : ٧.
في الاية دلالة على أن الأنبياء يورثون ، لأنه تعالى عمم الميراث للرجال والنساء ولم يخص نبيا من غيره ، وكما لا يجوز أن يقال : النبي لا يرث ، لأنه خلاف الاية ، فكذلك لا يجوز أن يقال : لا يورث لأنه خلافها ، والخبر الذي يروون أنه قال : نحن معاشر
__________________
(١). في التبيان : اليتامى.