قوله «محصنين» أي : عاقدين للتزويج غير مسافحين عافين للفروج.
«غير مسافحين» قال مجاهد والسدي : معناه غير زانين. وأصله صب الماء ، تقول : سفح الدمع إذا صبه ، وسفح الجبل أسفله ، لأنه مصب الماء منه ، وسافح إذا زنا لصبه الماء باطلا.
وقال الزجاج : المسافح والمسافحة الزانيان غير ممتنعين من أحد ، فإذا كانت تزني بواحد فهي ذات خدن ، فحرم الله الزنا على كل حال على السفاح واتخاذ الصديق.
وقوله (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ) قال الحسن ومجاهد وابن زيد : هو النكاح وقال ابن عباس والسدي : هو المتعة الى أجل مسمى ، وهو مذهبنا ، لان لفظ الاستمتاع إذا أطلق لا يستفاد به في الشرع الا العقد المؤجل ، ألا ترى أنهم يقولون : فلان يقول بالمتعة ، وفلان لا يقول بها ، ولا يريدون الا العقد المخصوص.
ولا ينافي ذلك قوله (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) (١) لأنا نقول : هذه زوجة ولا يلزم أن يلحقها جميع أحكام الزوجات من الميراث والطلاق والإيلاء والظهار واللعان ، لان أحكام الزوجات تختلف ، ألا ترى أن المرأة تبين بغير طلاق ، وكذلك المرتد عندنا ، والكتابية لا ترث وأما العدة فإنها تلحقها عندنا ، ويلحق بها أيضا الولد ، فلا شناعة بذلك.
ولو لم تكن زوجة لجاز أن يضم ما ذكر في هذه السورة الى ما في تلك الاية لأنه لا تنافي بينهما ، ويكون التقدير : الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ، أو ما استمتعتم به منهن ، وقد استقام الكلام.
وروي عن ابن مسعود وابن عباس وأبي ابن كعب وسعيد بن جبير أنهم قرءوا فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى ، وذلك صريح بما قلناه ، على أنه لو كان
__________________
(١). سورة المؤمنون : ٥ ـ ٦.