له ، كما يجوز أن يؤاخذ به ، فالزجر حاصل على كل حال.
ومتى عارضوا هذه الاية بآيات الوعيد ، كقوله (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً) (١) وقوله (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها) (٢) وقوله (إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) (٣) كان لنا أن نقول : العموم لا صيغة له ، فمن أين لكم أن المراد جميع العصاة.
ثم نقول : نحن نخص آباءكم بهذه الاية ونحملها على الكفار ، فمتى قالوا لنا : بل نحمل آياتكم على أصحاب الصغائر ، فقد تعارضت الآيات ووقفنا وجوزنا العفو بمجرد العقل وهو غرضنا.
فصل : قوله (انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) الاية : ٥٠.
النظر هو الإقبال على الشيء بالبصر ، ومن ذلك النظر بالقلب ، لأنه اقبال على الشيء بالقلب ، وكذلك النظر بالرحمة ، ونظر الدهر الى الشيء إذا أهلكه والنظر الى الشيء تلمسه والنظر اليه بالتأميل له ، والانتظار : الإقبال على الشيء بالتوقع له. والانظار التأخير الى وقت ، والاستنظار سؤال الانظار ، والمناظرة : اقبال كل واحد على الاخر بالمحاجة ، والنظير مثل الشيء لإقباله على نظيره بالمماثلة.
فصل : قوله (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ) الاية : ٥٢.
اللعنة : الابعاد من رحمة الله عذابا (٤) على معصيته ، فلذلك لا يجوز لعن البهائم ولا من ليس بعاقل من المجانين والأطفال ، لأنه سؤال العقوبة لمن لا يستحقها ، فمن
__________________
(١). سورة الفرقان : ١٩.
(٢). سورة النساء : ١٣.
(٣). سورة الانفطار : ١٤.
(٤). في التبيان : عقابا.