عَظِيمًا دَرَجَاتٍ) وهذا ظاهر التناقض؟
قلنا : عنه جوابان ، أحدهما ـ في أول الاية فضل الله المجاهدين على القاعدين من أولى الضرر درجة ، وفي آخرها فضلهم على القاعدين غير أولى الضرر درجات فلا تناقض في ذلك ، لان قوله (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) يدل على أن القاعدين لم يكونوا عاصين مستحقين ، وان كانوا تاركين للفضل.
والثاني : قال أبو علي الجبائي : أراد بالدرجة الاولى علو المنزلة وارتفاع القدر على وجه المدح لهم ، كما يقال : فلان أعلى درجة عند الخليفة من فلان. يريدون بذاك أنه أعظم منزلة. وبالثاني (١) أراد الدرجات في الجنة التي تتفاضل بها المؤمنون بعضهم على بعض على قدر استحقاقهم ولا تنافي بينهما.
وقال الحسين بن علي المغربي : انما كرر لفظ التفضيل ، لان الاول أراد تفضيلهم في الدنيا على القاعدين ، والثاني أراد تفضيلهم في الاخرة بدرجات النعيم.
فصل : قوله (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً) الاية : ١٠١.
معنى قوله (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) إذا سرتم فيها (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) يعني : حرج ، ولا اثم أن تقصروا من الصلاة ، يعني من عددها فتصلوا الرباعيات ركعتين.
وظاهر الاية يقتضي أن التقصير لا يجوز الا إذا خاف المسافر ، لأنه قال (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ) ولا خلاف اليوم أن الخوف ليس بشرط ، لان السفر المخصوص بانفراده سبب للتقصير ، والظاهر يقتضي أن التقصير جائز لا اثم فيه ، ويقتضي ذلك أنه يجوز الإتمام.
وعندنا وعند كثير من الفقهاء أن فرض المسافر مخالف لفرض المقيم وليس
__________________
(١). في التبيان : وبالثانية.