ومعنى المسيح في الدجال الممسوح العين اليمنى أو اليسرى.
وقوله (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ) يعني بالكلمة الرسالة التي أمر الله ملائكته أن يأتي بها بشارة من الله تعالى لها التي ذكر في قوله (قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ) (١) يعنى : برسالة منه وبشارة من عنده.
وقال قتادة والحسن : هو قوله «كن فكان» واختار الطبري الاول.
وقد شبهت النصارى قولها انه ثلاثة أقانيم جوهر واحد بقولنا : سراج واحد ثم نقول : انه ثلاثة أشياء : دهن وقطن ونار ، وللشمس انها شمس واحدة ، ثم نقول : أنها جسم وضوء وشعاع.
قال البلخي : وهذا غلط ، لأنا وان قلنا انه سراج واحد لا نقول هو شيء واحد ولا للشمس انها شيء واحد ، بل نقول : هو أشياء على الحقيقة ، كما نقول : عشرة واحدة وانسان واحد ودار واحدة وشهر واحد ، وهي أشياء متغايرة.
فان قالوا : ان الله شيء واحد حقيقة ، كما أنه اله واحد ، فقولهم بعد ذلك «انه ثلاثة» مناقضة لا يشبه ما قلناه ، وان قالوا : هو أشياء وليس هو شيئا واحدا دخلوا في قول المشبهة وتركوا القول بالتوحيد.
ومن العجب أنهم يقولون : ان الأب له ابن والابن لا أب له ، ثم يزعمون أن الذي له ابن هو الذي لا ابن له ، ويقولون : ان من عبد الإنسان فقد أخطأ وضل ثم يزعمون أن المسيح اله انسان وأنهم يعبدون المسيح.
فصل : قوله (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ) الاية : ١٧٢.
استدل قوم بهذه الاية على أن الملائكة أفضل من الأنبياء قالوا : ولا يجوز أن يقول القائل : لا يأنف الأمير أن يركب الي ولا غلامه.
وهذا الذي ذكروه ليس بصحيح ، ولا دلالة فيه من وجوه :
__________________
(١). سورة آل عمران : ٤٥.