قال السدى وابن إسحاق. وقال كثير من المفسرين : انهم كانوا أنبياء.
والذي يقتضيه مذهبنا أنهم لم يكونوا أنبياء بأجمعهم ، لأنه وقع منهم من المعصية ما فعلوه مع يوسف عليهالسلام ما لا خفاء به ، والنبي عندنا لا يجوز عليه فعل القبائح ، لا صغيرها ولا كبيرها ، فلا يصح مع ذلك القول بنبوتهم ، وليس في ظاهر القرآن أنهم كانوا أنبياء ، لان الانزال يجوز أن يكون كان على بعضهم ممن كان نبيا ، ولم يقع منه ما ذكرناه من الافعال القبيحة.
ويحتمل أن يكون المراد أنهم أمروا باتباعه ، كما يقال : أنزل الله الى أمة النبي عليهالسلام القرآن ، كما قال (وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا) وان كان المنزل على النبي عليهالسلام ، لكن لما كانوا مأمورين بما فيه أضيف بأنه أنزل اليهم.
ومعنى قوله (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) انا لا نؤمن ببعض الأنبياء ونكفر ببعض كما فعلت اليهود والنصارى ، فكفرت اليهود بعيسى ومحمد ، وكفرت النصارى بسليمان ونبينا محمد صلىاللهعليهوآله.
وقوله (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) أي : داخلون في حكم الإسلام الذي هو دينه ، كما قال : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (١).
فصل : قوله (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ) الاية : ١٣٧.
معناه : انهم في مفارقة ، في قول قتادة والربيع. وقال ابن زيد : الشقاق هو المنازعة والمحاربة (٢). وقال الحسن : التعادي.
وأصل الشقاق يحتمل أن يكون مأخوذا من الشق ، لأنه صار في شق غير شق صاحبه للعداوة والمباينة. ويحتمل أن يكون مأخوذا من المشقة ، لأنه يحرص على ما يشق على صاحبه ويؤذيه.
__________________
(١). سورة آل عمران : ١٩.
(٢). في التبيان : والمجادلة.