لأنها جعلت كالاسم ، مثل الطويلة والظريفة ، فوجه هذا القائل (١) النطيحة الى معنى الناطحة ، ويكون المعنى حرمت عليكم الناطحة التي تموت من نطاحها.
وقال بعض الكوفيين : انما يحذف الهاء من فعيلة بمعنى مفعولة إذا كانت صفة لاسم قد تقدمها ، مثل كف خضيب وعين كحيل ولحية دهين. فأما إذا حذف الكف والعين واللحية ، والاسم الذي يكون فعيل نعتا له واجتزوا بفعيل اثبتوا فيه هاء التأنيث ليعلم بثبوتها فيه أنها صفة للمؤنث دون المذكر ، فنقول : رأينا كحيلة وخضيبة وأكيلة السبع ، فلذلك دخلت الهاء في النطيحة ، لأنها صفة للمؤنث.
والقول بأن النطيحة بمعنى المنطوحة هو قول أكثر المفسرين ابن عباس وابن ميسرة (٢) والضحاك ، لأنهم أجمعوا على تحريم الناطحة والمنطوحة إذا ماتا.
قوله «وما أكل السبع» معناه : ما قتله السبع ، وهو قول ابن عباس والضحاك وقتادة ، وهو فريسة السبع.
وقوله «الا ما ذكيتم» معناه الا ما أدركتم ذكاته فذكيتموه من هذه الأشياء التي وصفها.
واختلفوا في الاستثناء الى ما يرجع ، فقال قوم : انه يرجع الى جميع ما تقدم ذكره من قوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ) الا ما لا يقبل الذكاة من الخنزير والدم وهو الأقوى ، ذهب اليه على عليهالسلام وابن عباس ، قال : وهو ان تدركه يتحرك أذنه أو ذنبه أو تطرف عينه ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام ، وبه قال الحسن وقتادة وابراهيم وطاوس وعبيد بن عمير والضحاك.
وقال آخرون : هو استثناء من التحريم لا من المحرمات ، لان الميتة لا ذكاة لها
__________________
(١). في التبيان : تأويل.
(٢). في التبيان : وأبو ميسرة.